للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أخرجه أصحاب السنن".

قلت: قال الترمذي (١): حديث أبي مسعود حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.

قال الشافعي (٢) وأحمد (٣) وإسحاق: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود؛ فصلاته فاسدة، لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود" انتهى.

وإنما فسروا إقامة الصلب ببعد ركوعه وبين سجدتيه؛ لأن صلبه حال الركوع والسجود منحني، فلا تتحقق إقامته إلا بعدهما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في الركوع والسجود" وإلا فإنه لا بد من إقامة صلبه [٤٤٨/ أ] حال القيام وقت القراءة، وفي حديث تعليمه - صلى الله عليه وسلم - للمسيء حتى يعتدل قائماً بعد ذكره لتعليمه [١٤ ب] الركوع.

وفي رواية: "حتى يطمئن قائماً" واستدل بالحديث - أي: حديث المسيء - على وجوب الطمأنينة في الأركان؛ لأن حديث أبي مسعود المذكور ليس فيه إلا إقامة الصلب، وليس فيه الاطمئنان، لكن حديث المسيء صريح في وجوب الاطمئنان في الأركان. واعتذر بعض من لم يقل به - وهم الحنفية (٤) - بأنه زيادة على النص؛ لأن المأمور به في القرآن مطلق، فيصدق بغير طمأنينة، فالطمأنينة زيادة، والزيادة على المتواتر بالآحاد لا تعتبر.

وعورض بأنها ليست بزيادة، بل بيان للمراد بالسجود، وإن خالف السجود اللغوي؛ فإنه مجرد وضع الجبهة، فبينت السنة أن السجود الشرعي ما كان بالطمأنينة. ويؤيده: أن الآية


(١) في "السنن" (٢/ ٥٢).
(٢) "البيان" للعمراني (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٣) "المغني" (٢/ ١٧٧ - ١٨٠).
(٤) "البناية في شرح الهداية" (٢/ ٢٥٩)، "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب" (١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>