للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "حديثين".

أقول: أي: فيما يتعلق بالأمانة, وإلا فالأحاديث الذي حدثهم - صلى الله عليه وسلم - كثيرة، والتي رواها حذيفة كثيرة.

الأول منها قوله: "حدثنا أن الأمانة".

اختلف في تفسيرها، قال ابن التين: الأمانة كلما يخفى، ولا يعلمه إلا الله تعالى من المكلف، وعن ابن عباس: هي الفرائض التي أمروا بها، ونهوا عنها.

وقيل: هي الطاعة. وقيل: التكاليف كلها، وقيل: هو العهد الذي أخذه الله على العباد.

وهذه الأخلاق وقع في تفسير الآية: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} (١) وقال ابن العربي (٢): المراد بالأمانة في حديث حذيفة: الإيمان.

وتحقيق ذلك فيما ذكر من رفعها أنَّ الأعمال السيئة لا تزال تضعف الإيمان حتى إذا ثناها الضعف لم يبق إلا أثر الإيمان, وهو التلفظ باللسان، والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب، فشبهه بالأثر في ظاهر البدن.

وكني عن ضعف الإيمان بالنوم، وضرب مثلاً لزهوق الإيمان عن القلب حالاً فحالاً بزهق الحجارة عن الرجل حتى يقع بالأرض. انتهى.

قوله: "ثم نزل القرآن".

فيه أنهم كانوا يعلمون القرآن قبل علمهم بالسنن, وفيه دليل أن نزول الأمانة على أصل القلوب لبني آدم كان مثل نزول القرآن، ولذا أتى بثمَّ.


(١) الأحزاب الآية: (٧٢).
(٢) في "عارضة الأحوذي" (٩/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>