للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وأشار بيده إلى أنفه" وفي رواية: "ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه، وقال: هذا واحد".

قال القرطبي (١): يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع. وقال ابن دقيق العيد (٢): قيل: معناه: أنهما جُعلا كأنهما عضو واحد، وإلا لكانت الأعضاء ثمانية.

قال (٣): وفيه نظر؛ لأنه لا يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف، كما يكتفي بالسجود على بعض الجبهة، وقد احتج بمثل هذا لأبي حنيفة (٤).

والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتقد بأنهما كعضو واحد، فذلك في التسمية والعبارة لا في الحكم [٣٦ ب] الذي دلَّ عليه الأمر، وأيضاً فإن الإشارة قد لا تعني المشار إليه، فإنها إنما تعلق بالجبهة لأجل العبادة، فإذا تقارب ما في الجبهة أمكن أن لا يعين المشار إليه يقيناً، فأما العبارة فإنها معينة لما وضعت له، فتقديمه أولى. انتهى.

على أنه قد نقل ابن المنذر (٥) إجماع الصحابة، على أنه لا يجزي السجود على الأنف وحده، وذهب الجمهور (٦) إلى أنه يجزي على الجبهة وحدها.


(١) في "المفهم" (٢/ ٩٤).
(٢) في "إحكام الأحكام" (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٣) ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (١/ ٢٢٥).
(٤) انظر: "البناية في شرح الهداية" (٢/ ٢٧٥).
(٥) في "الأوسط" (٣/ ١٧٧).
وقال ابن المنذر: وقالت طائفة: إن وضع جبهته ولم يضع أنفه، أو وضع أنفه ولم يضع جبهته؛ فقد أساء، وصلاته تامة. هذا قول النعمان، وهو قول لا أحسب أحداً سبقه إليه، ولا تبعه عليه. وقال يعقوب ومحمد: إن سجد على أنفه دون جبهته، وهو يقدر على السجود على جبهته لم يجزه ذلك.
(٦) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>