قال العلماء: ولا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين.
وقد قدمنا أنَّ الذي عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا القبول كما قال تعالى:{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}(١).
قال العلماء: ولا يشترط في الآمر الناهي أن يكون كامل الحال ممتثلاً ما يأمر به مجتنباً ما ينهى عنه، بل عليه الأمر، وإن كان مخلاً بما أمر به، والنهي، وان كان متلبساً بما ينهى عنه، فإنه يجب عليه شيئان؛ أن يأمر نفسه، وينهاها، ويأمر غيره، وينهاه، وإذا أخلّ بأحديهما كيف يحلُّ له الإخلال بالآخر.
قالوا: ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بذوي الولايات، بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين.
قال إمام الحرمين: والدليل عليه إجماع المسلمين، فإن غير الولاة في الصدر الأول، والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف، وينهوهم عن المنكر من غير ولاية.
قلت: ومثاله: حديث الباب، فإنَّ الذي أنكر على مروان فرد من أفراد رعيته، وصوبه أبو سعيد، فاستدل له بالحديث، ثم قال: واعلم [٦٣ أ/ ج]: أنَّ هذا الباب، أعني: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان، إلا رسوم قليلة جداً، وهو باب عظيم، وقوام الأمر، وملاكه، وإذا كثُر الخبث عمَّ العقاب الصالح، والطالح.