للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي (١): في إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحداً من العلماء حرم الصلاة بأرض بابل، فإن صح فيكون على الخصوص لعلي - رضي الله عنه - إنذاراً منه بما لقي من المحنة بالكوفة، وهي من أرض بابل.

قوله في حديث علي - عليه السلام -: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أقول: ليس المراد أن النهي مختص به - عليه السلام -، بل معناه أن الذي سمعته بصيغة الخطاب لي قائلاً: نقله كما سمعته وإن عم حكمه. وبابل: هو الصقع المعروف بأرض العراق وألفه غير مهموز.

قال الخطابي (٢): ويشبه إن ثبت الحديث أن يكون معناه أن يتخذها وطناً ومقاماً، فإذا أقام كانت صلاته فيها. وهذا من باب التعليق في علم البيان، أو لعل النهي به خاصة لا تراه، قال: نهاني. ومثله الحديث (٣) الآخر: "نهاني أن أقرأ القرآن ساجداً أو راكعاً" لا أقول نهاكم، ولعل ذلك إنذار منه بما لقي من المحنة في الكوفة وهي من أرض بابل.

وسميت بابل؛ لأن النمرود بن كنعان (٤) بنى بالصقع بنياناً طويلاً ليصعد إلى السماء، وكان طوله خمسمائة ألف ذراع، وقيل: فرسخين، فهبت ريح فألقت رأسه في البحر، وخرّ الباقي على من تحته, فلما سقط تبلبلت ألسن الناس من الفزع يومئذٍ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً، فلذلك سميت بابل [٩١ ب] وكانت لسانهم قبل ذلك السريانية.

قوله: "أخرجه أبو داود".


(١) في "معالم السنن" (١/ ٣٢٩ - مع السنن).
(٢) في "معالم السنن" (١/ ٣٢٩ - مع السنن).
(٣) أخرجه مسلم رقم (٤٨٠)، وأبو داود رقم (٤٠٥٤)، والترمذي رقم (٢٦٤)، والنسائي (٢/ ١٨٩).
وهو حديث صحيح.
(٤) انظر "فتح الباري" (١/ ٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>