للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وعن أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَجُلٌ لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْعَدَ مِنْهُ مِنَ المَسْجِدِ، وَكَانَتْ لاَ تُخْطِئُهُ صَلاَةٌ، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ اشْتَريْتَ حِمَارًا فَرَكِبْتَهُ فِي الظَّلْمَاءِ أوَ فِي الرَّمْضَاءِ؟ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِى مَمْشَايَ إِلى المَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إِلَى أَهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ جَمَعَ الله تَعَالَى لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ". أخرجه مسلم (١) وأبو داود (٢). [صحيح]

قوله: "في حديث أبي بن كعب: إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد" أي: ذاهباً.

"ورجوعي" وفيه إثبات الثواب ذهاباً وإياباً، وفيه أنّ أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسناتُ فتدخل الخطى خلف الجنازة، ولعيادة المرضى، ولزيارة الإخوان والأرحام، ولطلب العلم، ولقضاء حاجات [١٤٣ ب] العباد.

واختلف فيمن كانت داره قريبة من المسجد، فقارب الخُطى بحيث تساوي خُطى من داره بعيدة، هل يساويه في الفضل أم لا؟

وإلى المساواة جنح الطبري (٣)، وروى ابن أبي شيبة (٤) عن طريق أنس قال: مشيت مع زيد بن ثابت إلى المسجد، فقارب بين الخطى فقال: "أردت أن تكثر خُطاي إلى المسجد".

وهذا لا يلزم منه المساواة في الفضل، وإنْ دلَّ على أنّ كثرة الخطى فضيلة؛ لأنَّ ثواب الخطى الشاقة ليس كثواب الخطى السهلة، وهو ظاهر حديث أبي موسى (٥) الماضي، حيث جعل أبعدهم ممشى أعظمهم أجراً.


(١) في "صحيحه" رقم (٦٦٣).
(٢) في "السنن" رقم (٥٥٧). وأخرجه ابن ماجه رقم (٧٨٣)، وهو حديث صحيح.
(٣) انظر: "جامع البيان" (١٩/ ٤٠٨ - ٤١٠).
(٤) في "مصنفه" (٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٥) تقدم وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>