للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذا قربن منه، وأردن الاعتكاف فكره ملازمتهن المسجد مع أنه مجمع الناس، ويحضره الأعراب والمنافقون، وهنَّ محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهنَّ فاعتذر لهنَّ لذلك، أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - رَآهنَّ عنده في المسجد وهو في اعتكافه، فصار كأنه في منزله لحضوره مع أزواجه، فيذهب المهم من الاعتكاف وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا. انتهى.

قوله: "في آخر العشر من شوال":

أقول: وفي رواية للبخاري [٦٧ أ/ ج] (١): "في العشر الأول من شوال".

يأتي للمصنف ذكرها، وجمع الحافظ (٢) بينهما، فقال: ويمكن الجمع بينهما بأنَّ المراد من قوله: آخر العشر من شوال انتهاء اعتكافه.

قلت: وفيه نظر؛ لأنه إذا اعتكف العشر الأولى من شوال انتهى اعتكافه في أول الثلث الثاني من شوال.

وأخذ منهما الإسماعيلي جواز الاعتكاف بغير صوم؛ لأنَّ أول شوال يوم الفطر، وصيامه حرام.

وأخذ من الخبر استحباب قضاء النوافل المعتادة إذا فاتت، وأخذ منه المالكية وجوب قضاء العمل لمن شرع فيه، ثم أبطله ورد بأنه إنما قضاه استحباباً، لا وجوباً بدليل أنه لم ينقل أن نساؤه اعتكفن معه في شوال.

وفيه جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه، وأنه لا يلزم بالنية، ولا بالشروع فيه، ويستنبط منه ذلك في سائر التطوعات، ويدل له أنَّ المتطوع أمير نفسه.

وفيه ترك الأفضل للمصلحة، وأنَّ من خشي على عمله الرياء جاز له تركه، وقطعه.


(١) في "صحيحه" رقم (٢٠٣٤).
(٢) في "الفتح" (٤/ ٢٧٦ - ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>