للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم أنَّه إنما خص الصيام؛ لأنَّه ليس يظهر من ابن آدم بفعله، وإنما هو شيء في القلب، ويؤيد هذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس والصوم رياء" حدثنيه شبابه عن عقيل عن الزهري، فذكره مرسلاً، وقال ذلك؛ لأنَّ الأعمال لا تكون إلاَّ بالحركات، إلاَّ الصوم، فإنَّه بالنية التي تخفى على الناس، هذا وجه الحديث عندي. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر (١): وقد روى البيهقي الحديث المذكور في "الشعب" (٢) من طرق عن عُقيْل، وأورده (٣) من وَجْهٍ آخر عن الزهري موصولاً عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف، ولفظه: "الصيام لا رياء فيه" قال الله: "هو لي وأنا أجزي به".

قال (٤): وهذا لو صح كان قاطعاً للنزاع، وقال بهذا الوجه جماعة.

والثاني: إنَّ المراد بقوله: "وأنا أجزي به" أي: انفرد بعلم مقدار ثوابه، وتضعيف حسناته، وأمَّا غيره من العبادات فقد اطلع عليها بعض الناس.

قال القرطبي (٥) معناه: إنَّ الأعمال ينكشف [٣ ب] مقادير ثوابها للناس، وأنَّها تضعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلاَّ الصوم فإنَّ الله يثيب عليه بغير تقدير، ويشهد له سياق الرواية الأخرى (٦): "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، قال الله: إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" أي: أجازي به عليه جزاءً كثيراً من غير


(١) في "الفتح" (٤/ ١٠٧).
(٢) رقم (٣٥٩٣)، وهو حديث مرسل.
(٣) رقم (٣٣٢٢)، وهو حديث ضعيف جداً.
(٤) رقم (٣٣٢٢)، وهو حديث ضعيف جداً.
(٥) في "المفهم" (٣/ ٢١٣).
(٦) أخرجها مالك في "الموطأ" (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>