للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تطفئ غضب الرب (١) " شبهه بتلهب النار في [٨٧ ب] إضرار من غضب عليه، فمن فعل ما يغضب الله، ولا يغضبه إلاَّ المعاصي، فبادر بإخراج الصدقة، فإنَّه يطفئ عنه الغضب، ووجه المناسبة واضحة، وهو أنَّ بالصدقة يطفئ العبد تلهب المحتاج بنار حاجته، فكافأه الله بدفع نار غضبه، وهذا أحد فوائد الصدقة، وإلاَّ فإنَّ فوائدها كثيرة منها: الإخلاف وزيادة الرزق إذا افتقر، ثم متاجرة الله بالصدقة، وغير ذلك من انشراح صدر المتصدق، وانبساط أخلاقه، ومنها: قوله: "وتدفع ميتة السوء" أي: الشر وهي الميتة على غير أهبة ولا استعداد.

قوله: "أخرجه الترمذي".


(١) الغضب صفة فعلية خبرية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة.
والدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور: ٩].
وقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١)} [طه: ٨١].
والدليل من الحديث:
ما أخرجه البخاري رقم (٣١٩٤)، ومسلم رقم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إن رحمتي غلبت غضبي".
وما أخرجه البخاري رقم (٣٣٤٠)، ومسلم رقم (١٩٤) حديث الشفاعة الطويل وفيه: " ... إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله .... ".
فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الغضب لله عز وجل بوجه يليق بجلاله وعظمته, لا يكيفون ولا يشبهون ولا يؤولون، كمن يقول: الغضب إرادة العقاب, ولا يعطلون، بل يقولون: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى: ١١].
وانظر: "الحجة في بيان المحجة" للأصبهاني (٢/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>