للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم وسبب (١) سروره - صلى الله عليه وسلم - وفرحه ما رآه من مبادرة المسلمين إلى طاعة الله، وبذل أموالهم لله وامتثالهم أمره، وبدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وتعاونهم على البر والتقوى، فينبغي للإنسان إذا رأى شيئاً من هذا القبيل أن يفرح ويكون فرحه لله.

قوله: "ثم قال: من سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده, من غير أن ينقص من أجورهم شيء".

فيه الحث على الاقتداء بالخيرات، وسنِّ السنن الحسنات، وسبب هذا الكلام في هذا الحديث: أنَّه قال في أوله: فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها ثم تتابع الناس فكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير، والفاتح [٩٤ ب] لباب هذا "الإحسان".

وقوله: "من سنَّ سُنَّة سيئة, كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده, من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

هذا تحذير من الابتداع بقبائح (٢) الأعمال، إن قلت: كيف حمل أوزار من بعده؟ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٣).

قلت: ما حمل الأوزرة؛ لأنَّه فتح باب البدعة الذي دخل منه من تبعه، فكان عليه إثم فتح الباب، وإثم كل داخل منه, وعليهم آثام دخولهم، فهو نظير قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} (٤) في جواب من قال من الكفار: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ


(١) ذكره النووي في "شرحه لصحيح مسلم" (٧/ ١٠٣).
(٢) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٧/ ١٠٤).
(٣) سورة الأنعام الآية: ١٦٤، سورة الإسراء الآية: ١٥، سورة فاطر الآية: ١٨، سورة الزمر الآية: ٧، سورة النجم الآية: ٣٨.
(٤) سورة العنكبوت الآية: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>