للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): فبطل تعلقهم بهذا الخبر، وذكر من أدلة دعواه حديث حذفه - صلى الله عليه وسلم - لمن أتى بمثل البيضة (٢) من الذهب، وقال: "هذه صدقة ما تركت لي مالاً غيرها، فحذفه - صلى الله عليه وسلم - بها، ولو أصابه لأوجعه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيخلع ماله ثم يصير عيالاً على الناس". وغيره، ولكنها لا تقوى على تحريم التصدق لمن لا يجد غنىً، بل الأولى أن يقال: من وثق من نفسه أنَّها تقنع، وإن لم يبق عنده غنى فصدقته جابرة مفضولة على صدقة من له غنى، ومن لم يثق من نفسه بذلك فلا يحسن منه الصدقة, مع أنَّها تتبعها نفسه؛ لأنَّه ربما ندم فأثم.

قوله: "أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي".

الثاني: حديث أبي هريرة:

٢ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! عِنْدِي دِينَارٌ؟ قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ". قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: "أَنْتَ أَبْصَرُ بِهِ" أخرجه أبو داود (٣) والنسائي (٤). [حسن]

قوله: "تصدق به على نفسك" فيه أنَّ النفقة على النفس صدقة، وأنَّه يبدأ بها، وهذا أمر يقتضي الوجوب، وأنَّ النفقة على الولد بعد النفقة على النفس، وعلى الزوجة بعد الولد، وعلى


(١) أي: ابن حزم في "المحلى" (٩/ ١٤١).
(٢) سيأتي قريباً.
(٣) في "السنن" رقم (١٦٩١).
(٤) في "السنن" رقم (٢٥٣٥). وأخرجه أحمد (٢/ ٢٥١)، والحميدي رقم (١١٧٦)، والشافعي في "مسنده" رقم (٢٠٩ - ترتيب)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (١٩٧)، وابن حبان في "صحيحه" رقم (٣٣٣٧، ٤٢٣٣)، (٤٢٣٥)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٤١٥)، والبيهقي (٧/ ٤٦٦)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (١٦٨٥)، (١٦٨٦) من طرق وهو حديث حسن. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>