للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض (١): أقربها عندي هنا الرفع في الكلمتين، ووجهه أن يكون خبر المحذوف [١٠٩ ب] تقديره لا هو سهلٌ، أو: لا هذا سهل، ولا ذاك سمين، أو: لا الجبل سهل ولا اللحم سمين، فتكون كل واحدة من الكلمتين خبر مبتدأ محذوف.

قال: وأما وجه النصب فعلى إعمال "لا" وتكون هنا بمعنى "ليس" والخبر محذوف أي: لا سهل فيه أو منه مثل قولهم: لا بأس.

قال: وأمّا الخفض فعلى وجهين على النعت للجبل وترك إعمال "لا" وتقديرها ملغاة زائدة في اللفظ لا في المعنى، وهو أحد وجوهها عند النحاة (٢) كقولهم: شربت بلا زاد، وعجبت من لا شيء، فإنها ملغاة العمل زائدة في اللفظ لا في المعنى، ومنه قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)} (٣).


(١) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٧/ ٤٥٧). "فتح الباري" (٩/ ٢٥٩).
(٢) قال ابن هشام في "المغني" (١/ ٢٤٥): من أقسام (لا) النافية المعترضة بين الخافض والمخفوض، نحو "جئت بلا زادٍ" و"غضبتُ من لا شيء"، وعن الكوفيين أنها اسم، وأن الجار عليها نفسها، وأن ما بعدها خفض بالإضافة، وغيرهم يراها حرفاً، ويسميها زائدة كما يسمون كان في نحو (زيدة كان فاضل) زائدة وإن كانت مفيدة لمعنى وهو المضي والانقطاع، فعلم أنهم قد يريدون بالزائد المعترض بين شيئين متطالبين، وإن لم يصح أصل المعنى بإسقاطه كما في مسألة (لا) المقترنة بالعاطف في نحو (ما جاءني زيد ولا عمرو) ويسمونها زائدة، وليست بزائدة البتة، ألا ترى أنه إذا قيل (ما جاءني زيد ولا عمرو) ويسمونها زائدة، وليست بزائدة البتة، ألا ترى أنه إذا قيل: (ما جاءني زيد وعمرو) احتمل أن المراد نفي مجيء كل منهما على كل حال، وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء، فإذا جيء بـ (لا) صار الكلام نصّاً في المعنى الأول، نعم هي في قوله سبحانه: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: ٢٢] لمجرد التوكيد، وكذا إذا قيل: (لا يستوي زيد ولا عمرو).
انظر: "المحرر في النحو" للهرميِّ (ت ٧٠٢ هـ) (٢/ ٩٥٧)، "الكتاب" (٣/ ١٠٥).
(٣) سورة الواقعة الآية: (٣٢ - ٣٣). =

<<  <  ج: ص:  >  >>