للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثاً، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - برجوع المستأذن بعد ثلاث، كما رواه أبو موسى (١) في قصته مع عمر: أنه قال: "يستأذن أحدكم ثلاثاً، فإن أذن له وإلا رجع"، فقال له عمر: ائتني ببينة على هذا، فذهب ثم رجع، فقال: هذا أُبي، فقال أُبي: يا عمر لا تكن عذاباً على أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ".

فتبعه سعد فقال: يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك رداً خفياً لتكثر علينا من السلام. إن قيل: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستأذن، وإنما أتى لمجرد السلام.

قلت: يحتمل أنه لا يشرع الاستئذان حتى يرد - عليه السلام - ليعلم أن في المنزل من يستأذن عليه.

"فانصرف معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له سعد بغسل فاغتسل، ثم ناوله بحلفة مصبوغة بزعفران أو ورس" شك من الراوي، والورس (٢) زرع أصفر، وقيل: أحمر يصبغ به الثياب، يزرع باليمن ولا يكون بغيرها.

"فاشتمل بها ثم رفع يديه وهو يقول: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد، ثم أصاب من الطعام الذي صنعه له سعد، فلمَّا أراد الانصراف قرب له سعد حماراً قد وطَّأ عليه بقطيفةٍ (٣) " هي كساء له حمل من أي شيء كانت.

"فقال سعد: يا قيس اصحب رسول [١٤٧ ب] الله - صلى الله عليه وسلم - فصحبته, فقال: اركب معي فأبيت فقال: إما أن تركب" أي: معي. "وإمَّا أن تنصرف" تعود إلى منزلك. "فانصرفت".


(١) أخرجه البخاري رقم (٦٢٤٥)، ومسلم رقم (٢١٥٣، ٢١٥٤).
وأبو داود رقم (٥١٨٠)، والترمذي رقم (٢٦٩٥)، وابن ماجه رقم (٣٧٠٦)، وهو حديث صحيح.
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٨٤٠).
"المجموع المغيث" (٣/ ٤٠٤).
(٣) القطيفة: هي كساء له خمل. "النهاية" (٢/ ٤٧٢).
وقال ابن الأثير في "غريب الجامع" (٦/ ٥٧٩): القطيفةُ: الدِّثار ذو الخمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>