للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشمت أخرس، ورأى حركة شفتيه بالحمد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإن حمد الله فشمتوه" هذا هو الصواب، انتهى.

قلت: قوله: "على كل سامع" صريح أنه لا يتعين إلاّ على سامعه.

ثم قال (١): والثانية إذا ترك الحمد فهل يستحب لمن حضره أن يُذكِّره الحمد؟

قال ابن العربي (٢): لا يُذكِّره، قال: وهذا جهل من فاعله، وقال النووي (٣): أخطأ من زعم ذلك بل يذكره وهو مروي عن إبراهيم النخعي، وهو من باب النصيحة، والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى، وظاهر السنة يقوي قول ابن العربي، فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشمت الذي لم يحمد الله ولم يذكره، وهذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد، فنسي الله، فصرف قلوب المؤمنين وألسنتهم عن تشميته والدعاء له، ولو كان تذكيره سنة؛ لكان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بفعلها وتعليمها، والإعانة عليها. انتهى.

قلت: والأولى التفصيل، فإن كان عالماً بمشروعية الحمد فكما قال ابن العربي: وإن كان جاهلاً لمشروعيته عُرِّف بها وذكر.

"وأمّا التثاؤب فإنما هو من الشيطان" [١٦٤ ب] هو من نسبة المكروه إلى الشيطان لرضاه به (٤) وإرادته له لا أنه منه حقيقة.


(١) ابن القيم في "زاد المعاد" (٢/ ٤٠٣ - ٤٠٤).
(٢) في "عارضة الأحوذي" (١٠/ ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٣) في "شرحه لصحيح مسلم" (١٨/ ١٢١ - ١٢٢).
(٤) قال ابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري" (٩/ ٣٧٠): ومعنى إضافة التثاؤب إلى الشيطان، إضافة رضى، وإرادة, أي: أن الشيطان يحب أن يرى تثاؤب الإنسان؛ لأنها حال المثلة وتغيير لصورته فيضحك من جوفه؛ لأن الشيطان يفعل التثاؤب في الإنسان، لأنه لا خالق للخير والشر غير الله، وكذلك كل ما جاء من =

<<  <  ج: ص:  >  >>