للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي داود (١): "نكسوا رؤوسهم".

"مالي أراكم عنها" عن هذه السنة أو المقالة معرضين، استدل المهلب (٢) من المالكية بقول أبي هريرة هذا على أن العمل كان في عصر أبي هريرة على خلاف ما ذهب إليه أبو هريرة.

قال (٣): لأنه لو كان على الوجوب لما جهل الصحابة تأويله، ولا أعرضوا عن أبي هريرة حين حديثهم - إلى قوله - فدل على أن الأمر بذلك على الاستحباب.

وتعقبه الحافظ ابن حجر (٤) فقال: وما أدري من أين له أن المعرضين كانوا صحابة، وأنهم كانوا عدداً لا يجهل مثلهم الحكم؟ ولمَ لا يجوز أن يكون الذين خاطبهم أبو هريرة بذلك كانوا غير فقهاء؟ بل هو المتعين، إذ لو كانوا صحابة أو فقهاء ما واجههم بذلك، وقد قوى الشافعي (٥) في القديم القول بالوجوب بأن عمر قضى به ولم يخالفه أحد من أهل عصره، فكان اتفاقاً منهم على ذلك. انتهى.

ودعوى الاتفاق هنا أولى من دعوة المهلب؛ لأن أكثر أهل عصر عمر كانوا صحابة، وأكثر أحكامه منتشرة لطول ولايته (٦).

قال الحافظ (٧): ومحل الوجوب عند من قال به، أن يحتاج إليه الجار ولا يضع عليه ما يتضرر به المالك ولا يقدم على حاجة المالك، ولا فرق بين أن يحتاج في وضع الجذع إلى ثقب


(١) في "السنن" رقم (٣٦٣٤) وفيه: فنكسوا.
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ١١١). وانظر: "التمهيد" (١٣/ ١٥٢)، الفاروق.
(٣) أي: "المهلب".
(٤) في "الفتح" (٥/ ١١١).
(٥) انظر: "البيان" للعمراني (٦/ ٢٥٨).
(٦) ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ١١١).
(٧) في "الفتح" (٥/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>