للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا" أي: يعرض كل واحد منهما عن الآخر فلا يسالمه ولا يكالمه.

"وخيرهما" عند الله. "الذي يبدأ بالسلام" قال أكثر العلماء (١): تزول الهجرة بمجرد السلام وردّه، وقال أحمد (٢): لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولاً.

وقال المصنف: ترك الكلام إن كان يؤذيه، فلا تزول الهجرة بالسلام. وكذا قال ابن القيم (٣)، وقال عياض (٤): إذا اعتزل كلامه لا تقبل شهادته عليه عندنا ولو سلَّم عليه، واستدل بالحديث على أنّ من أعرض عن أخيه المسلم وامتنع من مكالمته، والسلام عليه آثم بذلك؛ لأن نفي الحل يفيد التحريم ومن ارتكب المحرم أثم.

قال [ابن المنذر (٥)]: (٦) أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته أن يفسد عليه دينه، أو يدخل عليه في نفسه أو دنيا مضرة، فإن كان كذلك جاز، وربّ هجر جميل خير من مخالطة مؤذية، كما قيل (٧):


= عفى عنها في الثلاث؛ لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك، فعفي عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض، وقيل: إن الحديث لا يقتضي إباحة الهجرة في الثلاثة, وهذا على مذهب من يقول لا يحتج بالمفهوم ودليل الخطاب.
(١) ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم" (١٦/ ١١٧). "فتح الباري" (١٠/ ٤٩٦).
(٢) انظر: "شرح منتهى الإرادات" (٩/ ٣٠١).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٩٦).
(٤) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٨/ ٢٦ - ٢٧).
(٥) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٤/ ٢٨٠ - ٢٨١). وانظر: "فتح الباري" (١٠/ ٤٩٦).
(٦) كذا في "المخطوط". وصوابه ابن عبد البر، كما في "فتح الباري" (١٠/ ٤٩٦).
وانظره: نصاً في "التمهيد" (١٥/ ٧٩).
(٧) كذا في "المخطوط"، والذي استشهد به ابن عبد البر في "التمهيد" (١٥/ ٧٩)، قول الشاعر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>