للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في (١) قصة كعب بن مالك وصاحبيه والنهي عن كلامهم.

قال الطبري (٢): قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي.

قلت: ويأتي هجره - صلى الله عليه وسلم - لزينب شهراً.

قال في "الفتح" (٣): قد استشكل كون هجران الفاسق والمبتدع مشروعاً، ولا يشرع هجران الكافر، وهو أشد جرماً منهما لكونهما من أهل التوحيد في الجملة.

وأجاب ابن بطال (٤): بأن لله أحكاماً فيها مصالح للعباد، وهو أعلم بشأنها، وعليهم التسليم لأمره فيها، فجنح إلى أنه تعبد لا يعقل معناه.

وأجاب غيره (٥): بأن الهجران على مرتبتين: الهجران بالقلب، والهجران باللسان، فهجران الكافر بالقلب وبترك التودد والتناصر والتعاون، لا سيما إذا كان حربياً، وإنما لم يشرع هجرانه بالكلام لعدم ارتداعه بذلك عن كفره، بخلاف العاصي المسلم فإنه ينزجر بذلك غالباً، ويشترك كل من العاصي والكافر في مشروعية مكالمته بالدعاء إلى الطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. انتهى.

"فإن مرت به" أي: بالهاجر لأخيه.


(١) قال المهلب: غرض البخاري في هذا الباب أن يبين صفة الهجران الجائز، وأنه يتنوع بقدر الجرم، فمن كان من أهل العصيان يستحق الهجران بترك المكالمة، كما في قصة كعب وصاحبيه، وما كان من المغاضبة بين الأهل والإخوان، فيجوز الهجر فيه بترك التسمية مثلاً أو بترك بسط الوجه مع عدم هجر السلام والكلام.
"فتح الباري" (١٠/ ٤٩٧).
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٩٧)، وابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري" (٩/ ٢٧٢).
(٣) (١٠/ ٤٩٧).
(٤) في "شرحه لصحيح البخاري" (٩/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
(٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>