للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهاَ؟ قَالَ: كُناَّ نَمُصُّها كَماَ يَمَصُّ الصَّبيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهاَ المَاءِ، فَتَكفِيْناَ يَوْمَنَا إلى اللَّيْلِ. فَلماَّ فَنِيَ وَجَدْناَ فَقْدَهُ، فَأَقْمناَ بِالِّساحِلِ نِصْفَ شَهْرِ فَأصاَبَناَ جُوعٌ شَديِدٌ حَتَّى أكَلْناَ الخَبَطَ فَسُمِّىَ جَيْشَ الَخَبَطَ. فَألَقى لَنَا البَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا العَنْبَرُ فقَالَ أَبُو عُبيْدةَ - رضي الله عنه -: مَيتةٌ، ثُمّ قال: لاَ. بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَفي سَبيلِ الله وَقَدِ اضطُرِرْناَ. فَأَكَلْناَ مِنْهاَ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهَا حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنَصَبَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ وَأَطْوَلِ جَمَلٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ فَمَرَّ تَحْتَهُ وَجَلَسَ فِي حِجَاجِ عَيْنِهِ نَفَرٌ. وَأَخْرَجْنَا مِنْ عَيْنِهِ كَذَا وَكَذَا قُلَّةَ وَدَكٍ وَتَزَوَّدْناَ منْ لحَمهِ فلمَّا قدِمْناَ المَدِيِنَةَ ذَكَرْناَ ذلِكَ لِرَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ، هُوَ رِزْقٌ أخْرَجهُ الله تعالى لَكُمْ! فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمه؟ فأرْسَلْناَ إلَيهْ مِنْهُ فَأكَلَ". أخرجه الستة (١). [صحيح]

"الخَبَطْ" (٢) وَرقُ شَجرٍ يُخبطُ بِعَصاً أوْ نَحْوِهاَ فينتثرُ فَتأْكلُهُ الإِبلُ. "وَالوَدَكُ" (٣) دَسَمُ اللَّحُمِ وَدُهْنُهُ.

"وَحِجَاجُ العَينِ" (٤) العظمُ المستديرُ حولها الذيِ فيه الحدقةُ وهُوَ وَقْب العَيْن.

"وَالقُلَّةُ (٥) " هيَ الحبٌّ العظيمُ معروفةٌ بالحجاز تأخذ القلة منها مزادةً من الماء.


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٩٨٣، ٢٩٨٣، ٤٣٦٠، ٤٣٦٦، ٥٤٩٤)، ومسلم رقم (١٩٣٥)، وأبو داود رقم (٣٨٤٠)، والترمذي رقم (٢٤٧٧)، والنسائي في "السنن" (٧/ ٢٠٧، ٢٠٩)، ومالك في "الموطأ" (٢/ ٩٣٠).
وهو حديث صحيح.
(٢) "النهاية في غريب الأحاديث" (١/ ٤٦٩).
(٣) "النهاية في غريب الأحاديث" (٢/ ٨٣٦).
(٤) "المجموع المغيث" (١/ ٤٠٠) "النهاية" (١/ ٣٣٤).
(٥) انظر: "الفائق" للزمخشري (٣/ ١٨٤) "غريب الحديث" للهروي (٢/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>