للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات" ظاهر فتياه - صلى الله عليه وسلم - لها أنه يكفيها ذلك من دون نقض مطلقاً، واختلف العلماء (١) في ذلك، فقال جمهور (٢): لا تنقضه إلاّ أن يكون ملبداً ملتفاً، لا يصل الماء إلى أصوله، فيجب نقضه حينئذ.

وقال النخعي (٣): تنقضه بكل حال، وقال أحمد (٤): تنقضه في الحيض دون الجنابة.

ووجه قول أحمد (٥): أنّ الأصل نقضه؛ لأن عموم الغسل يجب في جميع الأعضاء من شعر وضفر، في أي موضع، كان وعلى أي صفة كان، فوجب غسلها وسقط اعتبار ذلك في الجنابة، لتردده وكثرة الحاجة إليه، وبقي في غسل الحيض، على أصل الوجوب عملاً بالعموم.

ووجه قول النخعي حينئذ أخذه بأدلة عموم الغسل، وكأن ما بلغه الحديث، ولو رآه ما تعداه.

ووجه قول الجمهور وهو الصحيح: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسقطه في الجنابة دل على عدم اعتباره التعميم في كل طهارة، ولا سيما ولم يكن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يفرقن بين الغسلين، أفاده ابن العربي (٦) في "شرح الترمذي".

قلت: إلاّ أن قوله عن الجمهور بعدم نقضه، إلاّ إذا كان ملبداً ملتفاً تقييد لإطلاق الحديث ولو أراده - صلى الله عليه وسلم - لكان وقت البيان، فلا يجوز إهماله؛ لأنه جواب فتوى، إلا أن يثبت حديث آخر [٣٤٤ ب] يقيّده.


(١) ذكره ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٦٠).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٢٩٨).
(٣) في موسوعة فقه إبراهيم النخعي (١/ ٧٦٣).
(٤) في "المغني" (١/ ٢٩٨).
(٥) انظر: "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزيء (ص ٤٠ - ٤١).
(٦) في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>