للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي (١): ثم الصواب الذي عليه جماهير العلماء من الخلف والسلف، من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث، وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظواهرها، وأن الشيطان يأكل حقيقة إذ العقل لا يحيله، والشرع لم ينكره, بل أثبته فوجب قبوله واعتقاده. انتهى.

قال ابن العربي (٢): قالت المبتدعة: الشياطين لا تأكل ولا تشرب، وقالت طائفة: تأكل ولا تشرب، وقال قابلون أكلهم: شم، وردَّ هذه الأقوال كلها.

"وإنه جاء بهذه الجارية" أي: وسوس لها الإتيان إلى الطعام بسرعة.

"ليستحل بها" أي: لتأكل بغير تسمية فيمكن من الأكل.

"فأخذت بيدها فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده, والذي نفسي بيده, إن يده لمع يديهما في يدي ثم ذكر" أي: النَّبي - صلى الله عليه وسلم -.

"اسم (٣) الله وأكل" وهذا يدل على وجوب (٤) التسمية للذاكر لئلا يخالطه الشيطان في مأكله، ولأنَّا مأمورون بمعاداته فكيف نؤاكله؟.

وفيه دليل (٥) على كفاية تسمية واحد من الآكلين؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بالتسمية، وفيه دليل على طهارة رطوبة الكافر؛ لأنه لم ينه عن كل الطعام الذي لم يسم عليه بل أخبر عن تمكن الشيطان من أكله.

فإن قلت: هلاّ سمِّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إتيان الجارية؟.


(١) في "شرحه لصحيح مسلم" (١٣/ ١٩٠).
(٢) في "عارضة الأحوذي" (٧/ ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٣) أي: ثم ذكر اسم الله وأكل.
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٢/ ٣٦٢)، و"فتح الباري" (٩/ ٥٢٢)
(٥) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٣/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>