للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أن رجلاً نزل الحرة" (١) موضع قريب من المدينة.

"ومعه أهله وولده، فقال له رجل: إن ناقة لي ضلت" ذهبت إلى غير محل معين.

"فإن وجدتها فأمسكها، فوجدها ولم يجد صاحبها فمرضت، فقالت له امرأته: انحرها، فأبى فنفقت" أي: ماتت.

"فقالت: فاسلخها" أي: اخلس عنها جلدها.

"حتى نقدد لحمها وشحمها" نتخذه قديداً ننتفع به.

"فقال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فسأله فقال: هل عندك [٤٢٩ ب] غنىً يغنيك؟ قال: لا، قال: فكلوها" فهو دليل على إباحة الميتة لمن لا يجد ما يأكله، وقد أباح الله تعالى الميتة للمضطر، وأن له أن يأكل حتى يشبع ويتزود حتى يجد غيرها فتعود محرّمة.

"فجاء صاحبها فأخبره الخبر" بمرضها ونفاقها.

"فقال" مالكها. "هلاّ كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك" هذا بيان للمضطر الذي أباح الله له ما حرمه من الميتة والكلب ولحم الخنزير، وأنه من لم يجد ما يغنيه (٢).

والمراد بغنائه: طعام يومه وليلته إلا أنه قال أبو محمَّد بن حزم (٣): أن المضطر إذا وجد مال مسلم أو ذمي أخذ منه ولا تحل له الميتة.

قال (٤): لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أطعموا الجائع" فهو إذا وجد مال مسلم أو ذمي فقد وجد مالاً قد أمر الله بإطعامه منه، فحقّه منه فهو غير مضطر إلى الميتة وسائر المحرمات، فإن منع من ذلك ظلماً فهو مضطر حينئذ.


(١) انظر: "النهاية" (١/ ٣٥٧)، و"المجموع المغيث" (١/ ٤٢٦).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٦٧٤)، "المحلى" (٧/ ٤٢٧ - ٤٢٨).
(٣) في "المحلى" (٧/ ٤٢٦).
(٤) ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>