للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك باطل، ولو استثنى مداً واحداً؛ لأن ما بعد ذلك المد ونحوه مجهول، وقال مالك: إنه لا يرى بذلك بأساً إذا لم يجاوز الثلث؛ لأن رب الحائط إنما استثنى شيئاً من ثمر حائطه نفسه، وإنما ذلك شيء احتبسه [١٧٦/ ب] من حائطه وأمسكه ولم يبعه وباع من حائطه ما سوى ذلك. انتهى.

قلت: ولم يستدل لتحديده لما دون الثلث، ولا يخفى أن فعل محمد بن عمرو بن حزم ليس بحجة ولكنه يقال: الأصل جواز هذا البيع؛ لأنه تجارة عن تراضٍ فالدليل على المانع.

وأما حديث "نهى عن استثناء" فقد فسر بأن يستثني البائع شيئاً غير معلوم.

٢٧٤/ ٤ - وَعَنْ مَالِكٍ - رحمه الله - أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، أخرجهما مَالِكٌ (١).

قَالَ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا. فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

الخامس:

٢٧٥/ ٥ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاَحَقَ بِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا قَدْ أَعْيَا، قال: فتَخَلّفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فزجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بيْنَ يَدَىِ الإِبِلِ. فَقَالَ لِي: "كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟ ". فَقُلْتُ بِخيرٍ، قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ. قَالَ "أفَتَبِيعُنِيهِ". قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرَهُ. قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي، فتقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي خَالِي فَسَأَلَنِي عَنِ الْبَعِيرِ، فَأَخبرْتُهُ بِمَا


(١) في "الموطأ" (٣/ ٦٥٧ رقم ٦٩).
وأخرجه أبو داود رقم (٣٥٠٤) والترمذي رقم (١٢٣٤) والنسائي رقم (٤٦١١) وسنده حسن. وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>