للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي (١): هذا حديث عظيم كثير الأحكام والقواعد، وفيه مواضع تشعبت فيها مذاهب:

(أحدها): أنها كانت مكاتبة وباعها مواليها واشترتها عائشة, وأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيعها، فيدل على جواز بيع المكاتب وهو رأي جماعة من التابعين (٢)، وأحمد (٣)، ومالك (٤). وقال قوم منهم الشافعي (٥): لا يجوز بيعه وحملوا هذه القصة على أنها عجزت نفسها وفسخت الكتابة.

(الثاني): قوله - صلى الله عليه وسلم -[١٨١/ ب]: "اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق". وهذا مشكل من حيث أنها اشترتها واشترطت لهم الولاء، وهذا الشرط يفسد البيع، ومن حيث أنها خدعت البائعين وشرطت لهم ما لا يصح ولا يحصل لهم فكيف أذن - صلى الله عليه وسلم -[٤٦/ أ] لعائشة في هذا؟! ولهذا أنكر بعض العلماء هذا الحديث بجملته وهذا يروى عن يحيى بن أكثم (٦)، واستدل بسقوط هذه اللفظة في كثير من الروايات.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٣٩ - ١٤٠).
(٢) انظر "التمهيد" لابن عبد البر (١٣/ ٣٤٣).
(٣) المغني لابن قدامة (١٤/ ٥٣٥ رقم المسألة ٢٠٠٠) و"اختيارات ابن قدامة" (٣/ ٤٤٨ - ٤٥١).
(٤) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ١٠٦) والتمهيد (١٣/ ٣٤٣).
(٥) في "الأم" (١٠/ ١٥٤ - اختلاف الحديث).
(٦) رواه الخطابي في "معالم السنن" بسنده (٤/ ٢٤٦ - مع السنن). قلت: وأشار الشافعي في "الأم" (١٠/ ١٥٣ - اختلاف الحديث) إلى تضعيف هذه الرواية التي فيها الإذن بالاشتراط لكونه انفرد بها هشام بن عروة دون أصحاب أبيه, وأشار غيره إلى أنه روى بالمعنى الذي وقع له وليس كما ظن، وأثبت الرواية آخرون , وقالوا: هشام ثقة حافظ، والحديث متفق على صحته فلا وجه لرده. "نيل الأوطار" (١٠/ ١٢٩) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>