للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد (١) أعل هذا الحديث بأن أبي بن كعب لم يدرك سنة خمس وعشرين من الوفاة النبوية فكأن حديثه انتهى عند قوله: "لا محالة" والباقي كلام بعض الرواة، وقد أورد (٢) إعلال آخر، وأجاب عنه وأطال في ذلك.

٥ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُود - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ, أَلَمْ تَسْمَعُوا قَولَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} " أخرجه الشيخان (٣) والترمذي (٤). [صحيح]

حديث: " {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ":

أقول: وجه المشقة ظاهرة إذ الظلم يعم كل معصية حتى الصغائر كما قال تعالى [٣٠١/ ب] لموسى - عليه السلام -: "إلا من ظلم نفسه ... " الآية. فإن المراد من ارتكب صغيرة؛ لأنه في صفات الأنبياء، وهم لا يأتون إلا صغار الذنوب ففسر - صلى الله عليه وسلم - المراد من الظلم هنا وهو أنه أريد به الفرد الكامل، وهو الشرك من باب العام المراد به الخاص، واتفق عليه من عدا الوعيدية كالزمخشري (٥)، فإنه لم يفسره بذلك التفسير النبوي، وأبى من تفسير الظلم بالشرك


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٨/ ٢٩٢).
(٢) أي ابن حجر في "الفتح" (٨/ ٢٩٢) حيث قال: وأعل أيضاً بأنه مخالف لحديث جابر وغيره، وأجيب: بأن طريق الجمع أن الإعاذة المذكورة في حديث جابر وغيره مقيدة بزمان مخصوص وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة، وأما بعد ذلك فيجوز وقوع ذلك فيهم.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٣٣) ومسلم رقم (١٢٤).
(٤) في "السنن" رقم (٣٠٦٧).
(٥) قال الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٣٦٩): أي: لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس. =

<<  <  ج: ص:  >  >>