للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: قال الزجاج (١): الكنز إذا أطلق ينصرف إلى كنز المال ويجوز عند التقييد أن يقال: عنده كنز عِلْم، والاكتناز: حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساه به ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة لما فتح الله الفتوح [وقدَّر نصب] (٢) الزكاة.

فعلى هذا المراد بنزول الزكاة بيان نصبها ومقاديرها لا إنزال أصلها.

قال ابن عبد البر (٣): وروي عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن الكنز كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش، فهو كنز مذموم فاعله، وأن آية الوعيد نزلت في ذلك، وخالفه في ذلك جمهور الصحابة ومن بعدهم وحملوا الوعيد على مانعي الزكاة، وأصح ما تمسكوا به حديث طلحة وغيره في قصة الأعرابي حيث قال: "هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أنت تطوع" انتهى.

قال الحافظ (٤): والظاهر أن ذلك كان أول الأمر كما قال ابن عمر وقد استدل [٣٣٢/ ب] له ابن بطال (٥) بقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}: ما فضل عن الكفاية.

قلت: ولا يخفى أن سورة التوبة نزلت في غزوة تبوك وهي آخر غزوة وصدرها نزل سنة تسع وأن أنصباء الزكاة وبعث المصدقين ومعرفة مقاديرها كان قبل ذلك إلا أن يدعى أن زكاة النقدين تأخر بيان مقدار نصابهما، وهو بعيد جداً إلا أن يدعى أن آية الكنز هذه نزلت (٦)


(١) انظر: معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٤٥).
(٢) في (ب) وقدّر أنصب.
(٣) في "الاستذكار" (٩/ ١٢٣ رقم ١٢٦٩٢، ١٢٦٩٤).
(٤) في "الفتح" (٣/ ٢٧٣).
(٥) في شرحه لصحيح البخاري (٣/ ٤٠٥).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>