للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن مردويه (١)، والبيهقي في "الشعب" (٢).

واستشكله من المعتزلة الزمخشري، ومن الأشعرية الرازي، فأما الزمخشري (٣) فأنكر لفظه "خشية أن تدركه رحمة الله" فإنه أقرب أصل الحديث ثم قال: وأما ما نقم الله من قولهم خشية أن تدركه رحمة الله فمن زيادات الباهتين لله وملائكته، وفيه جهالتان: أحدهما: أن الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس، فحال البحر لا يمنعه، والأخرى: من كره إيمان الكافر وأحب بقاءة على الكفر فهو كافر؛ لأن الرضا بالكفر كفر. انتهى.

وقال الرازي (٤): والجواب الأقرب أن الحديث لا يصح (٥)؛ في تلك الحالة إما أن يقال التكليف كان ثابتاً، أو ما كان ثابتاً لم يجز على جبريل أن يمنعه التوبة، بل يجب عليه أن يعينه عليها وعلى كل طاعة لقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] الآية، ثم ذكر الوجه الذي ذكره "الكشاف" (٦) بأنه يتم الإيمان في القلب ولو ختم لسانه، ثم ذكر الرضا بالكفر كفر، ثم قال (٧): وأيضاً فكيف بالله أن يأمر موسى وهارون أن يقولا له قولاً ليناً لعله يذكر أو يخشى، بأن يمنعه من الإيمان، ولو قيل: بأن جبريل فعل ذلك من عند نفسه لا بأمر الله فإنه يبطله قول جبريل: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} (٨) وقوله في صفته: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ


(١) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٨٦).
(٢) رقم (٩٣٩١، ٩٣٩٢، ٩٣٩٣).
(٣) في "الكشاف" (٣/ ١٧٠ - ١٧٢).
(٤) في تفسيره (١٧/ ١٥٦).
(٥) بل هو حديث صحيح.
(٦) (٣/ ١٧٢).
(٧) الرازي في تفسيره (١٧/ ١٥٦).
(٨) سورة مريم الآية (٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>