للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأقسام الأربعة [٣٧٠/ ب] ممكنة مقدورة للرب تعالى، ولا يستلزم جمعاً بين النقيضين، ولا شيئاً من المحال.

ولا حاجة إلى تكلف من قال: إنَّ الذبح إنما هو لملك الموت، فهذا كله من الاستدراك الفاسد على الله تعالى ورسوله، والتأويل الباطل الذي لا يوجبه عقل ولا نقل، وسببه قلَّة الفهم لمراد الرسول من كلامه, فظن هذا القائل أنَّ لفظ الحديث دل على أن نفس العرض يذبح، وظنَّ غالطٌ آخر: العرض يعدم ويزول، ويصير مكانه جسم يذبح [١٠٧/ أ] ولم يتنبه الفريقان لهذا القول الذي قلناه، وأن الله ينشئ من الأعراض أجساماً يجعلها مادةً لها كما في الصحيح في البقرة وآل عمران يوم القيامة "غمامتان ... الحديث (١) " فهذه هي القراءة التي ينشئها الله غمامتين، وذكر من هذا ما وردت به الأحاديث التي تثبت فيها أن الأعمال تصير أجساماً وصوراً في القبر وفي الآخرة (٢). وهو كلام حسن صحيح.

٣ - وَعَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)} [مريم: ٥٧] قَالَ: قَالَ أَنَسُ - رضي الله عنه - أَنَّ النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَمَّا عُرِجَ بِي رَأَيْتُ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ". أخرجه الترمذي (٣). [صحيح]

قوله في حديث قتادة: أخرجه الترمذي. قلت: وقال (٤): وفي الباب: عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة، وهمام وغير واحد عن


(١) تقدم وهو حديث صحيح.
(٢) انظر: "فتح الباري" (١١/ ٤٢١ - ٤٢٢).
(٣) في "السنن" رقم (٣١٥٧).
قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٦٢) وابن جرير في "جامع البيان" (١٥/ ٥٦٥) وأبو يعلى في "مسنده" رقم (٢٩١٤) وهو حديث صحيح.
(٤) في "السنن" (٥/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>