للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أخرجه رزين" تقدم الكلام على عبارته، والحديث أخرجه أبو نعيم (١) من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس لفظه: "كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً ودعا إليه أهل مكة كلهم، وكان يكثر مجالسة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعجبه حديثه, وغلب عليه الشقاء، فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاماً ثم دعا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه، فقال: ما أنا من الذي يأكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فقال: اطعم يا ابن أخي! فقال: ما أنا بالذي أفعل حتى تقول، فتشهد بذلك وطعم من طعامه، فبلغ ذلك [٣٨٣/ ب] أبي بن خلف، فأتاه وقال: صبوت يا عقبة! وكان خليله، قال: لا والله ما


(١) في "دلائل النبوة" (ص ٤٠٤، ٤٠٥) وهو حديث موضوع.
أخرج ابن جرير في "جامع البيان" (١٥/ ٤٤٠ - ٤٤١) وعبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٦٨) وفي مصنفه رقم (٩٧٣١) عن قتادة وعثمان الجزري، عن مقسم في قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)} قال: اجتمع عقبة بن أبي معيط، وأبي ابن خلف، وكانا خليلين، فقال أحدهما لصاحبه, بلغني أنك أتيت محمداً، فاستمعت منه, والله لا أرضى عنك حتى تتفل في وجهه وتكذبه, فلم يسلطه الله على ذلك، فقتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أبي بن خلف، فقتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أحد في القتال، وهما اللذان أنزل الله فيهما: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} وهو مرسل صحيح الإسناد.
وقال ابن كثير في "تفسيره" (١٠/ ٣٠٢): وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم، كما قال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨)} [الأحزاب: ٦٦ - ٦٨] , فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، وبعض على يديه قائلا: {يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨)} [الفرقان: ٢٧ - ٢٨] لمن صرفه عن الهدى، وعدل به إلى طريق الضلالة، وسواء في ذلك أمية بن خلف، أو أخوه أبي بن خلف، أو غيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>