للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَى رَبُّ السَّلَمِ طَعَامًا مِثْلَهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا إذَا تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِأَدَاءِ طَعَامِ السَّلَمِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَضَى رَبَّ السَّلَمِ طَعَامَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَعَامٍ مِثْلَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَا رَبِحَ يَطِيبُ لِلْكَفِيلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي قَضَاهُ وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ.

وَفِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. هَذَا إذَا قَبَضَهُ الْكَفِيلُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ فَأَمَّا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ طَعَامَ السَّلَمِ لِيَكُونَ رَسُولَهُ فِي تَبْلِيغِهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ لَا يَطِيبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

وَلَوْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ: كِلْ مَا لِي عَلَيْكَ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ قَالَ: كِلْهُ وَاعْزِلْهُ فِي بَيْتِكَ فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ رَبُّ السَّلَمِ قَابِضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَرَبُّ السَّلَمِ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ حَاضِرًا يَصِيرُ قَابِضًا بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَرَائِرُ لَهُ أَمْ لِلْبَائِعِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ

وَلَوْ دَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ غَرَائِرَهُ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِيهَا طَعَامُهُ، وَقَالَ: كُلْ مَا لِي عَلَيْكَ فِي الْغَرَائِرِ فَفَعَلَ وَرَبُّ السَّلَمِ غَائِبٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ طَحَنَهُ بِأَمْرِ رَبِّ السَّلَمِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا، كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِذَا أَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ الدَّقِيقَ كَانَ حَرَامًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ فَفَعَلَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَلَوْ أَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ غُلَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ ابْنَهُ بِقَبْضِ السَّلَمِ فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا وَكَّلَ رَبُّ السَّلَمِ وَكِيلًا بِدَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَحَّ فَإِنْ دَفَعَ الْوَكِيلُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ صَحَّ وَإِنْ قَامَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الدَّفْعِ وَذَهَبَ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ السَّلَمُ وَإِنْ ذَهَبَ رَبُّ السَّلَمِ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ بَطَلَ السَّلَمُ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْقَبْضِ إنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ وَأَوْفَى رَبَّ السَّلَمِ عَنْ كُرِّ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِبَاحَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إلَى كَيْلَيْنِ كَيْلٍ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَيْلٍ لِرَبِّ السَّلَمِ وَلَا يَكْفِي لِرَبِّ السَّلَمِ كَيْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ حَاضِرًا حِينَ اكْتَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكِيلَهُ مَرَّتَيْنِ أَوَّلًا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْهُ ثُمَّ يَكِيلُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُكْتَفَى بِكَيْلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دَفَعَ إلَى رَبِّ السَّلَمِ دَرَاهِمَ حَتَّى يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَقَبَضَهُ وَكَالَةً ثُمَّ قَبَضَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>