للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ بِخُصُومَتِهِ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِهِ الْمَطْلُوبُ فَذَلِكَ جَائِزٌ كُلُّهُ فَإِنْ وَافَى بِهِ فِي الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ صَارَ كَفِيلًا بِالْمَالِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَهَلْ يَبْرَأُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَعَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا مَتَى وَافَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، وَإِذَا شَرَطَ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ فَمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ ضَامِنٌ لَهُ وَرَضُوا بِهِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ اتَّحَدَ الطَّالِبُ، وَالْمَطْلُوبُ فِي الْكَفَالَتَيْنِ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ، وَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ فَإِنْ قَضَى الْكَفِيلُ الطَّالِبَ حَقَّهُ فَلِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْأَدَاءِ وَمَتَى قَبِلَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَوَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ أَيْضًا وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَعَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْكَفِيلِ فَإِنْ وَجَدَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ بِهِ وَخَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فَمَا قُضِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ فِي مَالِ الْكَفِيلِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ خُصُومَةِ الطَّالِبِ مَعَ الْمَطْلُوبِ فِي إثْبَاتِ الطَّالِبِ حَقَّهُ بِالْحُجَّةِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ فَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمَطْلُوبِ فَأَدَّى الْمَطْلُوبُ الْمَالَ فَالْمَطْلُوبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى أَحَدٍ.

وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ وَأَدَّوْا رَجَعُوا بِمَا أَدَّوْا عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ قَالَ إنْ عَجَزَ غَرِيمُك عَنْ الْأَدَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ فَالْعَجْزُ يَظْهَرُ بِالْحَبْسِ إنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ لَزِمَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

إذَا قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِنَفْسِي غَدًا فَعَلَيَّ الْمَالُ الَّذِي تَدَّعِي فَلَمْ يُوَافِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَسَلَكَهُ فَأُخِذَ مَالُهُ كَانَ الضَّمَانُ صَحِيحًا، وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ وَمَعَ هَذَا جُوِّزَ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ أَكَلَ ابْنَك سَبُعٌ أَوْ أَتْلَفَ مَالَك سَبُعٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأُسْتُروشَنِيَّة.

رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَكْفُلَانِ عَنْهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَأَبَى الْآخَرَانِ أَنْ يَكْفُلَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْكَفَالَةُ الْأُولَى لَازِمَةٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِهِ الْكَفَالَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>