للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحِلْنِي عَلَى فُلَانٍ بِمَا لِي عَلَيْك عَلَى أَنَّك كَذَلِكَ ضَامِنٌ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى الْأَصِيلِ تَنْقَلِبُ كَفَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ ضَمِنْتُ لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَرَضِيَ الطَّالِبُ فَإِنْ أَحَالَهُ الضَّامِنُ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَقْبَلَ الْحَوَالَةَ فَالضَّامِنُ ضَامِنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ شَاءَ الطَّالِبُ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ آخَذَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَهَذَا عَلَى أَنْ يُحِيلَهُ بِهِ فُلَانٌ مَتَى شَاءَ وَيَكُونُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فِيهَا مُحْتَمَلَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَجَمِيعُ الْآجَالِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَهَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ إنْ كَانَ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ يَثْبُتُ سَوَاءٌ كَانَ أَجَلًا يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَوْ لَا يُتَوَهَّمُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ سَفَرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ إنْ لَمْ يُتَوَهَّمْ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَفَلَ إلَى الْقِطَافِ، أَوْ إلَى النَّيْرُوزِ، أَوْ إلَى الْحَصَادِ، أَوْ إلَى الدِّيَاسِ جَازَ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى أَنْ تَهُبَّ الرِّيحُ، أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ، أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الصُّغْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.

لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا، أَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَمَا لَوْ قَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ فِي الْمُدَّةِ وَيَبْرَأُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْمُحِيطِ.

رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْت لَك بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك مَتَى طَلَبْته فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ شَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَا يُطَالِبُهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْمُنْتَقَى كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَالَبَهُ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ، وَإِذَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ بِالطَّلَبِ الثَّانِي أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ، وَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ قَالَ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئْتُ إلَيْك مِنْهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَوْ دَفَعَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ مِنْهُ ثَانِيًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَرَاءَةً لَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَرَّةً وَلَمْ يَبْرَأْ فَطَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>