للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْأَوَّلَ يَرَاهُ حَقًّا بِأَنْ أَظْهَرَ الْأَوَّلُ ذَلِكَ لِلثَّانِي أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ هَلْ يَرَاهُ حَقًّا أَمْ لَا، أَمَّا إذَا عَلِمَ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَقًّا بِأَنْ قَالَ الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ تَابَ كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يُبْطِلَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إذَا قَضَى قَبْلَ التَّوْبَةِ فَالْقَاضِي الثَّانِي يُبْطِلُ قَضَاءَهُ لَا مَحَالَةَ حَتَّى لَوْ نَفَذَ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُصَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ قَاضِيًا بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مِنْ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فَكَانَ بَاطِلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ عِنْدَنَا لَكِنْ لِقَاضٍ آخَرَ أَنْ يُنْفِذَهُ حَتَّى لَوْ نَفَّذَهُ قَاضٍ آخَرُ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ لَيْسَ لِلثَّالِثِ أَنْ يُبْطِلَهُ، كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.

وَالْفَاسِقُ إذَا قَضَى فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَهُ لَيْسَ لِقَاضٍ ثَالِثٍ أَنْ يُنْفِذَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

لَوْ كَانَ الْقَاضِي أَعْمَى فَقَضَى يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَإِذَا أَمْضَى لَا يُبْطِلُهُ الثَّالِثُ وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ الثَّانِي لَكِنَّهُ أَبْطَلَهُ وَهُوَ يَرَى بُطْلَانَهُ بَطَلَ إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ آخَرَ لِصَاحِبِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ أَوْ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ نَفَذَ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلثَّانِي إبْطَالُهُ، وَإِنْ رَأَى بُطْلَانَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِرَضَاعٍ يُرَدُّ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ

وَالْقَاضِي الْمُطْلَقُ إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَهُوَ يَرَى جَوَازَهُ نَفَذَ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي حُجَّةِ الْقَضَاءِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ، وَهُوَ شُرَيْحٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُمَا كَافِرَانِ يُرَدُّ قَضَاؤُهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ قَضَاءَهُ وَقَعَ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا أَعْمَيَانِ فَقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرُّجُوعِ أَنَّ الْجَوَابَ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْجَوَابَ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ اُسْتُقْضِيَ وَقَضَى بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إمْضَاؤُهُ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مُشْكِلٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ مُعْتَبَرٌ بِشَهَادَتِهِ وَالصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا أَصْلًا وَالنَّصْرَانِيُّ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَصْلُحُ قَاضِيًا، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَصْلُحُ شَاهِدًا عِنْدَ مَالِكٍ وَشُرَيْحٍ فَيَصْلُحُ قَاضِيًا فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ إمْضَاءُ قَاضٍ آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ، كَمَا فِي الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ.

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اُسْتُقْضِيَتْ جَازَ قَضَاؤُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ فَإِنْ قَضَتْ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ثُمَّ رُفِعَ قَضَاؤُهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ نَفَذَ إمْضَاؤُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>