وَيَبْطُلُ ذِكْرُ الْوَقْتِ فَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ هَذَا النِّكَاحِ يَنْفُذُ، وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ، وَصُورَتُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَمَتَّعُ بِكِ كَذَا مُدَّةً بِكَذَا مِنْ الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِلَفْظَةِ التَّزَوُّجِ بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ يَجُوزُ وَلَوْ قَضَى بِرَدِّ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ بِعَيْبِ عَمًى أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: يَرُدُّ الْمَرْأَةَ الزَّوْجُ بِعُيُوبٍ خَمْسَةٍ وَلَوْ قَضَى بِرَدِّ الْمَرْأَةِ الزَّوْجُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ نَفَذَ؛ لِأَنَّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَضَى بِإِبْطَالِ الْمَهْرِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ أَخْذًا بِقَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ إنْ قَدَّمَ النِّكَاحَ يُوجِبُ سُقُوطَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ سُقُوطُهُ إمَّا بِالْإِبْقَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ، فَهَذَا الْقَضَاءُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى بِأَنَّ الْعِنِّينَ لَا يُؤَجَّلُ يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ وَيُؤَجَّلُ وَفِي الصُّغْرَى، وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الْخُلْعِ أَنَّهُ فَسْخٌ كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ فَإِنَّ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِيهِ اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَإِذَا قَضَى بِكَوْنِهِ فَسْخًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بِالسَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا رَاجَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى رِضَا الْمَرْأَةِ شَرْطًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَبْطَلَ الرَّجْعَةَ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَهَلْ يَكُونُ هَذَا الْفَصْلُ مُجْتَهَدًا فِيهِ؟ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ رِضَا الْمَرْأَةِ لَيْسَ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُذْكَرْ فِي كُتُبِهِمْ ذَلِكَ، وَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ فِي أَنَّ رِضَا الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَيَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ لِلنِّكَاحِ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُؤَالَاتِهِمْ يَمْنَعُونَ هَذَا الْفَصْلَ وَبِهَذَا لَا يَصِيرُ الْمَحَلُّ مُجْتَهَدًا فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُبْلَى أَوْ حَائِضٌ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى قَاضٍ بِبُطْلَانِ طَلَاقِ الْحَامِلِ أَوْ الْحَائِضِ، وَبِبُطْلَانِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْبَعْضِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ طَلَاقِ مَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ فَقَضَاؤُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَمْضِي قَضَاءُ الْأَوَّلِ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَذُكِرَ فِي بَابِ دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ الزَّوْجُ الثَّانِي إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَسَاغًا فَهُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ خُلْعِ الْأَبِ عَلَى صَغِيرَتِهِ نَفَذَ، وَلَوْ قَضَى بِمُضِيِّ عِدَّةِ مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ بِالْأَشْهُرِ حُكِيَ فِي حَيْضِ مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَرَ فِيهَا الدَّمَ: يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute