للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِثْلُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ حَدَّ الْإِيَاسِ وَهُوَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ عَلَى الْخَمْسِينَ أَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَوْ بِسَنَتَيْنِ فِيمَا اخْتَارَهُ جَدِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَمَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَلَوْ قَضَى بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ مِنْهُ وَتَجَهَّزَتْ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْجُمْهُورِ، وَلَوْ قَضَى بِالْقُرْعَةِ فِي رَقِيقٍ أَعْتَقَ الْمَيِّتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ بِالْقُرْعَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

رَجُلٌ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ أَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَقَضَى الْقَاضِي لِلْآخَرِ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى ذَلِكَ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَالْقَضَاءَ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ حَاكِيًا عَنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ قَوْلُ الْخَصَّافِ وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَوْلَا قَوْلُ الْخَصَّافِ لَقُلْنَا: إنَّهُ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا ذُكِرَ فِي شُرُوطِ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا وَقَعَ الرَّهْنُ مُشَاعًا يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ حَتَّى يَصِحَّ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ الْإِجَازَةَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعٍ فَسَدَ بِسَبَبِ أَجَلٍ مَجْهُولٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إذَا خُوصِمَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَحَلَّ لِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهُ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَأَمَّا بَيْعُ الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فَيَصِحُّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَوْ قَضَى فِي الْمَأْذُونِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا يَنْفُذُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَمَا يَفْعَلُ الْقُضَاةُ مِنْ التَّفْوِيضِ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ وَبَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُفَوِّضُ يَرَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: لَاحَ لِي اجْتِهَادٌ فِي ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ التَّفْوِيضُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ فَوَّضَ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَقْضِيَ بِرَأْيِهِ أَوْ لِيَقْضِيَ بِمَا هُوَ حُكْمُ الشَّرْعِ يَنْفُذُ ذَلِكَ التَّفْوِيضُ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِخَلَاصٍ فِي دَارٍ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الضَّامِنَ بِدَارٍ مِثْلِهَا ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ بَاعَ دَارًا لَهُ وَضَمِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخَلَاصَ أَوْ ضَمِنَ أَجْنَبِيٌّ لَهُ الْخَلَاصَ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ لِلْمُشْتَرِي: إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَاةُ مِنْ يَدِك فَأَنَا ضَامِنٌ لَك اسْتِخْلَاصَ الدَّارِ أَحْتَالُ حَتَّى أَسْتَخْلِصَ لَك الدَّارَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَأُسَلِّمُهَا إلَيْك، وَإِنْ عَجَزْت عَنْ تَسْلِيمِهِ وَاسْتِخْلَاصِهَا اشْتَرَيْت دَارًا مِثْلَهَا وَأُسَلِّمُهَا إلَيْك فَهَذَا الضَّمَانُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>