فَسَهَّلَ فِي ذَلِكَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ. وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ الْمَكْتُوبَ إلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا ثَبَتَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ شَرْطٌ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الشُّهُودِ نُسْخَةَ مَا فِي الْكِتَابِ لِيَكُونَ عِنْدَهُمْ فَتُمْكِنُهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ قَبْلَ فَتْحِ الْكِتَابِ فَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى احْتِيَاطٌ.
وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَوَسُّعٌ، وَمِنْ الشَّرَائِطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مُعَنْوَنًا بِأَنْ يَكْتُبَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي.
حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتُبْ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَتَبَ فِيهِ " عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ " فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِنْوَانُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَيْك وَخَتْمُهُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعُنْوَانَ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا فَنَقُولُ: إنْ كَانَ الْعُنْوَانُ فِي الْبَاطِنِ وَعَلَى الظَّاهِرِ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعُنْوَانُ فِي الْبَاطِنِ لَا غَيْرُ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَا غَيْرُ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَعْمَلُ بِهِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اكْتَفَوْا بِعُنْوَانِ الظَّاهِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَكْتُبُ الْأَسْمَاءَ وَالْأَنْسَابَ فِي الْعُنْوَانَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعُنْوَانِ الْبَاطِنِ لَا يَصِحُّ، وَصُورَةُ الْعِنْوَانِ الظَّاهِرِ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَكْتُبَ قَبْلَ كِتَابِ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبِ الْيَسَارِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، وَيَكْتُبُ فِي جَانِبِ الْيَمِينِ فَوْقَ كِتَابِ التَّسْمِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ وَنَحْوَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَتَوْفِيقَهُمْ. فَإِنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ إلَّا قَاضٍ وَاحِدٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزْدَوِيُّ: يَصِحُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ لَمْ يَصِحَّ، ثُمَّ يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ عَلَى الصَّدْرِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا، وَيَكْتُبُ عَلَى الظَّهْرِ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَتَوْفِيقَهُمْ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ كِتَابِي أَطَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ فُلَانٍ الْقَاضِي إلَى آخِرِهِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فِي الْكِتَابِ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَمَّا بَعْدُ، ثُمَّ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُدَّعِي بِوَجْهِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ يَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ: حَضَرَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي فِي بَلْدَةِ كَذَا وَأَنَا مُقِيمٌ بِهَا نَافِذَ الْقَضَاءِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَجْلِسُ قَضَائِي لَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ بَلْ إذَا كَتَبَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي كُورَةِ كَذَا كَفَاهُ إلَّا إذَا كَانَ بَلْدَةٌ فِيهَا قَاضِيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute