دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ كَمَا فِي تَوْكِيلِ الْحَاضِرِ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَالْقَاضِي يُحْضِرُ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ وَيَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَاتَمِ بِحَضْرَتِهِ وَيَفْتَحُ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيَقْرَؤُهُ عَلَى الشُّهُودِ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى مَا فِيهِ، وَبَعْدَ مَا ذُكِرَ سَأَلَ الْوَكِيلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَإِنْ أَقَامَهَا سَأَلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ عَنْ الدَّارِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُوَكِّلِ أَمَرَ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَإِنْ سَأَلَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَحَسَنٌ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ الْوَكِيلَ أَوَّلًا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْوَكَالَةِ فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ.
قَالَ: وَلِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ فِي الدَّارِ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ نَازَعَهُ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ سَمَّى رَجُلًا بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ غَيْرَهُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ وَيَكُونَ خَصْمًا لِمَنْ أَجَّرَهَا مِنْهُ قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكِيلًا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي كِتَابًا فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَذْكُرَ فِي كِتَابِهِ: وَذَكَرَتْ أَنَّ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ الْمَهْرِ كَذَا، وَقَدْ وَكَّلَتْ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ إنْ أَنْكَرَ.
وَإِنَّمَا يَكْتُبُ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ؛ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ، وَيَكْتُبُ أَيْضًا: وَكَّلَتْهُ بَطَلَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ زَوْجِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِيهَا، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي يُحْضِرُ الزَّوْجَ وَيَسْأَلُ عَنْ الْمَهْرِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَّلَتْهُ بِمَهْرِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِي نَفَقَتِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ نَفَقَةً مُسَمَّاةً وَكُلَّ سَنَةٍ كِسْوَةً مُسَمَّاةً، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْ الْبَيِّنَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ سَأَلَهُ عَنْ الْمَهْرِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ وَيَفْرِضُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَا يَصْلُحُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ بِكِتَابِ الْقَاضِي فَقَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى الْكِتَابِ تَوَارَى الْخَصْمُ فِي الْبَلْدَةِ قِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى بَابِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اُخْرُجْ فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ نَصَبْت عَلَيْك وَكِيلًا وَقَضَيْت عَلَى الْوَكِيلِ.
وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُصَحِّحُوا هَذَا الْقَوْلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي عَيْبِ خَادِمٍ اشْتَرَاهُ وَأَخَذَ بِذَلِكَ كِتَابَ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ لَا يُرَدُّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَظِرْ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ وَرَدَّ بِالْعَيْبِ يَلْحَقُ بِالْبَائِعِ ضَرَرٌ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَقَعُ التَّدَارُكُ بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ فَصْلِ الدَّيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ.
وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَالْجَصَّاصُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute