للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِقْدَارَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَيَكْتُبُ التَّارِيخَ فَيَكْتُبُ حُبِسَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا يَوْمَ كَذَا وَمِنْ شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ: إذَا حُبِسَ الرَّجُلُ فِي الدَّيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُ فِي السِّرِّ، وَإِنْ شَاءَ سَأَلَ عَنْهُ فِي السِّرِّ أَوَّلَ مَا يَحْبِسُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي تَقْدِيرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِشَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَعَنْهُ بِرِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِشَهْرٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِرِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: الْقَاضِي يَنْظُرُ إلَى الْمَحْبُوسِ إنْ رَأَى عَلَيْهِ زِيَّ الْفَقْرِ وَهُوَ صَاحِبُ عِيَالٍ تَشْكُو عِيَالُهُ إلَى الْقَاضِي الْبُؤْسَ وَضِيقَ النَّفَقَةِ وَكَانَ لَيِّنًا عِنْدَ جَوَابِ خَصْمِهِ حَبَسَهُ شَهْرًا ثُمَّ يَسْأَلُ، وَإِنْ كَانَ وَقَّاحًا عِنْدَ جَوَابِ خَصْمِهِ وَعَرَفَ تَمَرُّدَهُ وَرَأَى عَلَيْهِ أَمَارَةَ الْيَسَارِ حَبَسَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَسْأَلُ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ حَبَسَهُ شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَسْأَلُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَهُوَ يَحْكِي عَنْ عَمِّهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ لَازِمٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فَإِنْ مَضَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعَلِمَ تَعَنُّتَهُ يُدِيمُ الْحَبْسَ، وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ وَظَهَرَ عَجْزُهُ وَعُسْرَتُهُ بِأَنْ شَهِدُوا بِإِفْلَاسِهِ خَلَّاهُ ثُمَّ إذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ مِنْ جِيرَانِهِ وَمَنْ يُخَالِطُهُمْ فِي الْمُعَامَلَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

وَإِنَّمَا يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مِنْ الثِّقَاتِ دُونَ الْفُسَّاقِ فَإِذَا قَالُوا: لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا كَفَى ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا السُّوَالُ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ مَا حَبَسَهُ احْتِيَاطًا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا سَأَلَ عَنْهُ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عُسْرَتِهِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي مِنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ إذَا أُخْبِرَ بِذَلِكَ يَكْفِي، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ثِقَةٌ عَمِلَ بِقَوْلِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ السِّجْنِ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ بِأَنْ لَمْ تَجْرِ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ مُنَازَعَةٌ بِأَنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الطَّالِبُ: إنَّهُ مُوسِرٌ، لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْعِسَارَ بَعْدَ الْيَسَارِ أَمْرٌ حَادِثٌ فَتَكُونُ شَهَادَةً بِأَمْرٍ حَادِثٍ لَا بِالنَّفْيِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَوْ اثْنَانِ بِإِعْسَارِهِ قَبْلَ الْحَبْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَقْبَلُ وَلَا يَحْبِسُهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْخَصَّافِ لَا يَقْبَلُ وَيَحْبِسُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَبَعْدَ مَا خَلَّى سَبِيلَهُ هَلْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلَازِمَهُ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَازِمَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ فِي الْمُلَازَمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>