للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يُلَازِمُهُ فِي مَشَيَاتِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى أَهْلِهِ وَلَا مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَلَا مِنْ الْوُضُوءِ وَالْخَلَاءِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَيَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْلِسَهُ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَتْ الْمُلَازَمَةُ تَضُرُّ بِعِيَالِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ فِي سَقْيِ الْمَاءِ فِي طَوْفِهِ قَالَ: آمُرُ صَاحِبَ الْحَقِّ أَنْ يُوَكِّلَ غُلَامًا لَهُ يَكُونُ مَعَهُ وَلَا أَمْنَعُهُ عَنْ طَلَبِ قَدْرِ قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي سُوقِهِ قَالَ: وَإِنْ شَاءَ تُرِكَ أَيَّامًا يَعْنِي هَذَا الْمُفْلِسَ ثُمَّ يُلَازِمُهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قُلْت لَهُ: فَإِنْ كَانَ عَامِلًا يَعْمَلُ بِيَدِهِ، قَالَ: إنْ كَانَ عَمَلًا يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَهُ حَيْثُ يُلَازِمُهُ أَيْ حَيْثُ يَجْلِسُ لَازَمَهُ وَيَعْمَلُ هُوَ ثَمَّةَ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الطَّلَبِ خَرَجَ وَطَلَبَ فَإِنْ كَانَ فِي مُلَازَمَتِهِ ذَهَابُ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ؛ أَمَرْته أَنْ يُقِيمَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُ فَلْيَسْتَرْزِقْ اللَّهَ تَعَالَى.

وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إنْ كَانَ الْعَمَلُ سَقْيَ الْمَاءِ وَنَحْوَهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَمَّا أَنْ يَلْزَمَهُ أَوْ يَلْزَمَهُ نَائِبُهُ أَوْ أَجِيرُهُ أَوْ غُلَامُهُ إلَّا إذَا كَفَاهُ نَفَقَتُهُ أَوْ نَفَقَةُ عِيَالِهِ وَأَعْطَاهُ حِينَئِذٍ، كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَلْزُومِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ أَيْضًا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَ الْمَلْزُومَ أَنْ يَدْخُلَ فِي بَيْتِهِ لِغَائِطٍ أَوْ غَدَاءٍ إلَّا إذَا أَعْطَاهُ الْغَدَاءَ وَأَعَدَّ مَوْضِعًا آخَرَ لِأَجْلِ الْغَائِطِ حِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ قَالَ الْمَدْيُونُ: لَا أَجْلِسُ مَعَ غُلَامِك وَأَجْلِسُ مَعَك قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمُلَازَمَةِ الرَّأْيَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا إلَى الْمَدْيُونِ إنْ شَاءَ لَازَمَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ لَازَمَهُ بِغَيْرِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّالِبَ لَا يُلَازِمُ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ بُنِيَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِلْمُلَازِمَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ الطَّالِبَ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ بِاللَّيَالِيِ.

وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّيَالِيِ يُلَازَمُ فِي اللَّيَالِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ رَجُلٌ حَبَسَ غَرِيمًا لَهُ ثُمَّ غَابَ فَسَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ فَوَجَدَهُ مُعْسِرًا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغِيبُ الطَّالِبُ وَيُخْفِي نَفْسَهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَطُولَ حَبْسُهُ فَيَتَضَرَّرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يُلَازِمَ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِمُلَازَمَتِهِ وَلَا فَلَسِهِ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِحَقِّهِ فَإِنْ قَالَ الْغَرِيمُ: احْبِسْنِي، وَأَبَى الطَّالِبُ إلَّا الْمُلَازَمَةَ؛ قَالَ: يُلَازِمُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُقِيمَ فِي الشَّمْسِ أَوْ عَلَى الثَّلْجِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يَضُرُّ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ مُلَازَمَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ: آمُرُ غَرِيمَهَا أَنْ يَأْمُرَ امْرَأَةً حَتَّى تُلَازِمَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ الْغَرِيمُ عَلَى امْرَأَةٍ تُلَازِمُهَا، قَالَ: أَقُولُ لِغَرِيمِهَا اجْعَلْ مَعَهَا امْرَأَةً، فَتَكُونَ فِي بَيْتِهَا وَتَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>