للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ نَصْبُ الْوَصِيِّ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُرَادُ مِمَّا ذَكَرَ الْخَصَّافُ نَصْبُ الْوَصِيِّ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ.

وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ عُرُوضًا وَعَقَارًا وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَهُ وَرَثَةٌ كِبَارٌ فَامْتَنَعَتْ الْوَرَثَةُ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَعَنْ بَيْعِ التَّرِكَةِ وَقَالُوا لِرَبِّ الدَّيْنِ: سَلَّمْنَا التَّرِكَةَ إلَيْكَ فَأَنْت أَعْلَمُ بِهِ، فَالْقَاضِي هَلْ يَنْصِبُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ؟ فَقَدْ قِيلَ: يَنْصِبُ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَنْصِبُ وَيَأْمُرُ الْوَرَثَةَ بِالْبَيْعِ، فَإِنْ أَبَوْا حَبَسَهُمْ حَتَّى يَبِيعُوا، فَإِذَا حَبَسَهُمْ الْقَاضِي، وَلَمْ يَبِيعُوا الْآنَ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَنْصِبُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ لِيَبِيعَ الْوَصِيُّ إيفَاءً لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْأَيْتَامِ وَالْأَيْتَامُ فِي وِلَايَتِهِ، وَلَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ، أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ، أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِيرُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْقَاضِي إذَا نَصَبَ مُتَوَلِّيًا فِي وَقْفٍ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي مَجْلِسِهِ صَحَّ النَّصْبُ وَقَالَ الْقَاضِي رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فِي وِلَايَتِهِ، فَإِنْ كَانُوا طَلَبَةَ الْعِلْمِ أَوْ أَهْلَ قَرْيَةٍ، أَوْ أُنَاسًا مَعْدُودِينَ، أَوْ كَانَ خَانًا، أَوْ رِبَاطًا، أَوْ مَسْجِدًا، وَلَمْ تَكُنْ الضَّيْعَةُ الْمَوْقُوفَةُ فِي وِلَايَتِهِ فَنَصَبَ مُتَوَلِّيًا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ وَيُعْتَبَرُ التَّظَالُمُ وَالْمُرَافَعَةُ، وَقَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ حَاضِرًا لَا يَصِحُّ النَّصْبُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا يَصِحُّ النَّصْبُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ جَاءَ إلَى قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ وَقَالَ: إنَّ أَبَى فُلَانًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَتَرَكَ عُرُوضًا وَعَقَارًا، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَأَنَا لَا أَسْتَطِيعُ بَيْعَ مَا تَرَكَ لِأَقْضِيَ دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ النَّاحِيَةِ لَا يَعْرِفُونَنِي. لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَبِعْ الْمَالَ وَاقْضِ الدَّيْنَ. إنْ كَانَ صَادِقًا وَقَعَ مَوْقِعَهُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَا يَعْمَلُ أَمْرَ الْقَاضِي. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَيْ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَقَبِلَ الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَجَاءَ إلَى الْقَاضِي يُرِيدُ إثْبَاتَ وِصَايَتِهِ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِيهِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا أَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ مِنْ يَصْلُحُ خَصْمًا حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُمَا وَهَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَقْضِي بِوِصَايَتِهِ، وَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْمَعُ. وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَارِثٌ، أَوْ مُوصًى لَهُ، أَوْ رَجُلٌ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>