للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِرَجُلٍ وَأَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْغَرِيمُ، وَالْوَرَثَةُ شُهُودٌ أَوْ غُيَّبٌ، وَقَدَّمَ الْمُوصَى لَهُ إلَى الْقَاضِي فَالْمُوصَى لَهُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَتَى حَصَلَتْ بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَالْمُوصَى لَهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْوَارِثِ، وَإِذَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَارِثٍ فَالْمُوصَى لَهُ خَصْمُ الْغَرِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُعْتَبَرُ الْمُوصَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْوَارِثِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ فَفِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ. وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَ الْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ وِصَايَتَهُ نَظَرَ الْقَاضِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا مَرَضِيَّ السِّيرَةِ مُهْتَدِيًا فِي التِّجَارَةِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا وَقَضَى بِوِصَايَتِهِ، وَإِنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ وَالْخِيَانَةِ لَا يُمْضِي إيصَاءَهُ، وَإِنْ عَرَفَ مِنْهُ ضَعْفَ رَأْيٍ وَقِلَّةَ هِدَايَةٍ فِي التَّصَرُّفِ يُمْضِي وِصَايَتَهُ وَلَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهِ أَمِينًا مُهْتَدِيًا فِي التِّجَارَةِ حَتَّى يَتَظَاهَرَا فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يُتْلِفَا مَالَ الصَّبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِسْقٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ لَكِنْ اُتُّهِمَ بِهِ فَالْقَاضِي يَشُدُّهُ بِمُشْرِفٍ، أَوْ يَضُمُّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ حَتَّى لَا يَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فَيَظْهَرُ النَّظَرُ لِلْيَتِيمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ثَبَتَتْ الْوِصَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ.

وَفِي كِتَابِ الْوِصَايَةِ إقْرَارُ الْمَيِّتِ لِأُنَاسٍ بِدُيُونٍ وَوَصَايَا بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَحَضَرَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ وَقُضِيَ لَهُ بِحَقِّهِ، ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ هَلْ يُقْضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ؟ يُكْتَفَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْغُرَمَاءِ وَالْوَصَايَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ أَخَاهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَبَاهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَأُمَّهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ، وَمِنْ الْبَنِينَ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَمِنْ الْبَنَاتِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَامْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيَّ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَأَنِّي قَبِلْت مِنْهُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ وَتَوَلَّيْت الْقِيَامَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ لِأَخِي هَذَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَضَرَ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ، وَأَنَّ أَخِي هَذَا مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، وَأَنَّ عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ قَضَاءَ هَذَا الدَّيْنِ إلَيَّ لِأَصْرِفَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَإِلَى مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَسْأَلُ الْخَصْمَ أَوَّلًا عَنْ الْمَوْتِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَوْتِ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ كَانَ ثَابِتًا لِلْمَيِّتِ وَبِالْمَوْتِ تَحَوَّلَ إلَى الْوَصِيِّ، ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا أَيْضًا لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>