للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُثْبِتَ وِصَايَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا مَاتَ، وَأَنَّهُ كَانَ أَوْصَى إلَيْهِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَالْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَيْهِ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَى الْوَصِيِّ دُونَ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَلَا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَمَا ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ أَقَرَّ بِالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوِصَايَةَ وَالْمَالَ كُلِّفَ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِصَايَةِ أَوَّلًا، فَإِذَا ثَبَتَتْ الْوِصَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ حِينَئِذٍ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْوَصِيُّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ جَمِيعًا لِيَنْتَصِبَ خَصْمًا، فَإِذَا أَقَامَهَا حِينَئِذٍ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى الْمَالِ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوِصَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ وَالْمَالِ فَرِيقًا وَاحِدًا فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ جُمْلَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَكِنْ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْوِصَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْبَلُ. قَالَ ثَمَّةَ: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ، وَلَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْمَالِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوِصَايَةَ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا، وَلَوْ لَمْ يَنْصِبْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْمَوْتَ هَلْ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْوَارِثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

ادَّعَى الْوَصِيُّ، أَوْ الْقَيِّمُ أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ آجَرَهُمَا مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمُوَلَّى لَا يُنَفِّذُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَالَ كَوْنِهِ قَاضِيًا فَعَلَ ذَلِكَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْرَ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ يُنَفِّذُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يُنَفِّذُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ أَمَرَهُ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَتِيمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرِ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَ الصَّغِيرِ يَنْصِبُ وَصِيًّا يَحْفَظُ مَالَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا، ثُمَّ اطَّلَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى عَيْبٍ نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّهُ الْأَبُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>