للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيَّ نِصْفُ حَدِّ الْقَذْفِ وَقَالَ الْمَقْذُوفُ: لَا، بَلْ أَعْتَقَكَ مَوْلَاكَ وَلِي عَلَيْكَ حَدُّ الْأَحْرَارِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالْعِتْقِ حَقِّ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْعِتْقَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ حَدًّا كَامِلًا، وَعَلَى الْغَائِبِ الْعِتْقَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِتْقُ سَبَبًا لِثُبُوتِ مَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ قُضِيَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا.

وَإِذَا قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْحَاضِرُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنَّ الْغَائِبَ عَفَا عَنْ نَصِيبِهِ وَانْقَلَبَ نَصِيبِي مَالًا وَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِهَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئَيْنِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ لَيْسَ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ بَلْ قَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا - لَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ. بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَةِ رَجُلٍ غَائِبٍ: إنَّ زَوْجَكِ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَنِي أَنْ أَحْمِلَكِ إلَيْهِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ عَنْهَا لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ فَالْمَرْأَةُ تَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ إنْسَانٍ وَقَالَ مَوْلَاكَ وَكَّلَنِي بِنَقْلِي إيَّاكَ إلَيْهِ فَبَرْهَنَ الْعَبْدُ عَلَى أَنَّهُ حَرَّرَهُ تُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِ الْحَاضِرِ لَا فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْعِتْقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئَيْنِ، وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ بِاعْتِبَارِ الْبَقَاءِ لَا بِنَفْسِهِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ لَا عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَا عَلَى الْغَائِبِ. بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَهَا، وَقَدْ اشْتَرَيْتُهَا، وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يُرِيدُ رَدَّ الْجَارِيَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَا عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ النِّكَاحُ عَلَى الْغَائِبِ وَالرَّدُّ عَلَى الْحَاضِرِ، وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ مِنْ النِّكَاحِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِمَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْبَقَاءِ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ كَانَ زَوَّجَهَا، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ بَقَاءُ النِّكَاحِ إلَى حَالَةِ الرَّدِّ، وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَقَاءِ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَقَاءِ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا، وَلَا يُقْضَى بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَبَعٌ لِلِابْتِدَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ خَصْمًا فِي نَفْسِ النِّكَاحِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْبَقَاءِ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الْبَائِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>