للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الِاسْتِرْدَادِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ دَارٌ بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَأَرَادَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرَاةَ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ: الدَّارُ الَّتِي فِي يَدَيْكَ لَيْسَتْ بِدَارٍ لَكَ إنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَا يُقْضَى بِالشِّرَاءِ لَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ، وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ

ذَكَرَ فِي طَلَاقِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ امْرَأَةُ الْحَالِفِ ادَّعَتْ عَلَى الْحَالِفِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَبِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا دَخَلَ وَفُلَانٌ غَائِبٌ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا؟ قُلْنَا: ذَلِكَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ عَلَى الْغَائِبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالُ نِكَاحِ الْغَائِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَرْطِ حَقِّهِ بِإِثْبَاتِ فِعْلٍ عَلَى الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَائِبِ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَائِبِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُقْضَى عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا.

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُكَلَاءُ عَلَى بَابِ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ مِنْ إثْبَاتِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ بِجَعْلِهِ شَرْطًا لِوَكَالَةِ الْحَاضِرِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ مَثَلًا لِجَعْفَرٍ: إنْ كَانَ عَمْرٌو مَثَلًا بَاعَ دَارِهِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، أَوْ وَقَفَ ضِيَاعَهُ عَلَى سَبِيلِ كَذَا فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي إثْبَاتِ حُقُوقِي عَلَى النَّاسِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا وَقَبْضِهَا، ثُمَّ إنَّ جَعْفَرًا أَحْضَرَ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ مَالًا وَيَدَّعِي أَنَّ زَيْدًا قَدْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ وَإِثْبَاتِهَا وَالْخُصُومَةِ فِيهَا وَالْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ كَائِنٍ، وَهُوَ بَيْعُ عَمْرٍو ضِيَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ طَلَاقُ عَمْرٍو امْرَأَتَهُ، وَأَنَّ عَمْرًا قَدْ كَانَ بَاعَ ضِيَاعَهُ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ تَوْكِيلِ زَيْدٍ إيَّايَ.

وَقَدْ صِرْت وَكِيلًا عَنْ زَيْدٍ بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِهِ وَقَبْضِهَا، وَأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِجَعْفَرٍ: إنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ وَكَّلَكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْتَ، إنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ هَلْ كَانَ؟ وَهَلْ صِرْتَ أَنْتَ وَكِيلًا؟ فَيُقِيمُ جَعْفَرٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِ عَمْرٍو دَارِهِ، أَوْ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالْبَيْعِ عَلَى عَمْرٍو وَوَكَالَةِ الْحَاضِرِ فَهَذَا فَتْوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَادَّعَى الْكَفِيلُ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي كُفِلْتَ بِهِ عَنْ فُلَانٍ ثَمَنُ خَمْرٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ: لَا، بَلْ كَانَ ثَمَنَ عَبْدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ، فَإِنْ أَرَادَ الْكَفِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>