للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْكَرَ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ.

وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ: مَا كَانَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَلْفِ وَأَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَضَاءِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْإِبْرَاءِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، وَلَوْ قَالَ: مَا كَانَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، وَلَا أَعْرِفُكَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَكَذَا عَلَى الْإِبْرَاءِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ، أَوْ الْمُخَدَّرَةَ قَدْ يُؤْذَى بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بَعْضَ وُكَلَائِهِ بِإِرْضَائِهِ، وَلَا يَعْرِفُهُ، ثُمَّ يَعْرِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ التَّوْفِيقُ.

وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ بَاعَهُ جَارِيَةً وَقَالَ لَمْ أَبِعْهَا مِنْكَ قَطُّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَوَجَدَ بِهَا أُصْبُعًا زَائِدَةً وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ.

ذِكْرُ حَقٍّ كُتِبَ فِي أَسْفَلِهِ، وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ كُتِبَ فِي الشِّرَاءِ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ وَتَسْلِيمُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَ الذِّكْرُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - هُوَ عَلَى الْخَلَاصِ، وَعَلَى مَنْ قَامَ بِذِكْرِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ تَرَكَ فُرْجَةً قَالُوا لَا يَلْتَحِقُ بِهِ وَيَصِيرُ كَفَاصِلِ السُّكُوتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ كَمَا يَكُونُ فِي الدَّكَاكِينِ، أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ، أَوْ مِدْقَاقَ الْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِجِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ فِيهَا حَمَّامًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ إلَّا بِالنَّدَاوَةِ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْهَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يَبْنِيَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ جَارِهِ حَائِطًا بِنُورَةٍ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَالْجُمْلَةُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ وَأَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي إذَا كَانَ ضَرَرًا بَيِّنًا يُمْنَعُ وَبِهِ يُفْتَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتَّخَذَ دَارِهِ حَمَّامًا وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ مِنْ دُخَانِهَا فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ دُخَانُ الْحَمَّامِ مِثْلَ دُخَانِهِمْ، وَلَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ حَظِيرَةَ غَنَمٍ وَالْجِيرَانُ يَتَأَذَّوْنَ مِنْ نَتْنِ السِّرْقِينِ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْحُكْمِ مَنْعُهُ، وَلَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا نَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.

سَقَطَ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَوْرَاتٌ وَطَلَبَ مِنْ جَارِهِ أَنْ يُسَاعِدَهُ فِي الْبِنَاءِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُجْبَرُ وَقَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُجْبَرُ فِي زَمَانِنَا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي الصُّعُودِ فِي دَارِ جَارِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ عَنْ الصُّعُودِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً، وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي سَطْحِهِ فَلَا كَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَالْقَاضِي هَلْ يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَقْضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقْضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا تَقَدَّمَ إلَى الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>