للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْقَاضِي يَقُولُ: هَلْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ؟ إنْ قَالَ نَعَمْ يَقْضِي لَهُ بِهَا، وَإِنْ قَالَ لَا أَقَامَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ وَأَحْسَنُهَا. وَفِي الْمُنْتَقَى: قُضَاةٌ ثَلَاثَةٌ بِبَغْدَادَ كُلُّ قَاضٍ عَلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى وَاخْتَلَفَا فِيمَنْ يَخْتَصِمَانِ إلَيْهِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَخْتَصِمَانِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي هُوَ فِي مَوْضِعِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَنْزِلَاهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَالْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعِي حَيْثُ شَاءَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَسْكَرِيًّا فَقَالَ نَذْهَبُ إلَى قَاضِي الْعَسْكَرِ وَالْخَصْمُ الْآخَرُ كَانَ بَلَدِيًّا فَقَالَ نَذْهَبُ إلَى قَاضِي الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ: إذَا قَالَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ: قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذَا سَرَقَ فَاقْطَعْ يَدَهُ، أَوْ قَالَ إنَّهُ زَنَى فَحُدَّهُ، أَوْ قَالَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَاقْتُلْهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ وَيَحُدَّهُ وَيَرْجُمَهُ وَيَسَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ الْقَاضِي عِنْدَهُ عَدْلًا وَحَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ إنْ كَانَ فِي حَقٍّ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ وَإِلَى ثَلَاثَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ هَذَا فِي الزِّنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا عَادِلًا، أَوْ عَالِمًا ظَالِمًا، أَوْ عَادِلًا جَاهِلًا، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا عَادِلًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا ظَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ فَسَّرَهُ، أَوْ لَمْ يُفَسِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ حَتَّى يُفَسِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُخْطِئُ فِي الْقَضَاءِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ الْحُجَّةِ. وَالْمَسْأَلَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مُصَوَّرَةٌ فِي الْقَاضِي الْعَالِمِ الْعَادِلِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَاضِي: أَقَرَّ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِهَذَا وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ فَقَوْلُ الْقَاضِي مَقْبُولٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَإِذَا أَرَادَ إثْبَاتَ قَضَاءِ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ يَقُولُ النَّائِبُ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ: أَقَرَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا حَكَمْتُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَثَبَتَ إقْرَارُ فُلَانٍ وَحُكْمُ النَّائِبِ وَجَمِيعُ مَا أَخْبَرَ النَّائِبُ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ قَاضٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ قَاضٍ وَقَوْلُ الْقَاضِي فِي مَكَانِ قَضَائِهِ مَقْبُولٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِحَضْرَةِ وَكِيلِ الْغَائِبِ، أَوْ بِحَضْرَةِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا يَقْضِي عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَيَكْتُبُ فِي السِّجِلِّ أَنَّهُ قَضَى عَلَى الْمَيِّتِ، وَعَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَبِحَضْرَةِ وَصِيِّهِ.

ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْعَدْوَى: إذَا أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا بِمُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَالِ وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ مُوَكَّلٌ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: هِيَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>