النَّصْرَانِيِّ، ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بِبَيِّنَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْأَبَ مَاتَ مُسْلِمًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْوَارِثُ فِيمَا كَانَ لِلنَّصْرَانِيِّ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُقْضَى عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ وَالِابْنُ الْمُسْلِمُ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ قَالَ: فَإِذَا جَاءُوا مَعًا فَالْخَصْمُ هُوَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُ تَثْبُتُ وِرَاثَتُهُ بِمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ مُسْلِمًا فَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَرِيمُ بِهَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ أَبِي مُسْلِمًا وَأَنَا أَيْضًا، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَأَنَا أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُتَّفَقِ عَلَى إسْلَامِهِ فِي حَالِ حَيَاةِ أَبِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ مُسْلِمًا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ نَصْرَانِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ فَقِيهًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِفَ الْإِسْلَامَ، وَإِذَا كَانَ جَاهِلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَصِفْ الْإِسْلَامَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
مُسْلِمَةٌ قَالَتْ كَانَ زَوْجِي مُسْلِمًا، وَقَالَ أَوْلَادُهُ الْكُفَّارُ لَا بَلْ كَانَ كَافِرًا وَلِلْمُسْلِمِ أَخٌ مُسْلِمٌ يُصَدِّقُ الْمَرْأَةَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا كَافِرًا وَابْنَةً مُسْلِمَةً، فَقَالَتْ الِابْنَةُ مَاتَ أَبِي مُسْلِمًا وَصَدَّقَهَا الْأَخُ، وَقَالَ الِابْنُ كَانَ أَبِي كَافِرًا فَالْقَوْلُ لِلْبِنْتِ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَلَكِنْ أَخٌ وَابْنٌ وَالْأَخُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ دُونَ الِابْنِ فَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ.
بِنْتٌ وَأَخٌ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ مَعَ الِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ دَارًا، فَقَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ مَاتَ أَبِي، وَهُوَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِي وَجَاءَ أَخُو الْمَيِّتِ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ، فَقَالَ: مَاتَ أَخِي، وَهُوَ كَافِرٌ عَلَى دِينِي وَابْنُهُ هَذَا مُسْلِمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ وَلَهُ الْمِيرَاثُ، وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا عَلَى مَقَالَتِهِمَا بَيِّنَةً أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَقَامَ الْأَخُ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا قَالَ وَلَمْ يُقِمْ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ لَمْ أُجِزْ بَيِّنَةَ الْأَخِ، فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْأَخُ مُسْلِمَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ كُفْرِ الْمَيِّتِ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْأَخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ نَصْرَانِيٌّ بَيِّنَةً نَصْرَانِيَّةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنِّي أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى النَّسَبِ وَأَجْعَلُهُ شَرِيكَ ابْنِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا يُشَارِكُ ابْنَهُ الْمُسْلِمَ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، ثُمَّ جَاءَ نَصْرَانِيٌّ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى فَإِنِّي أَقْضِي بِنَسَبِهِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَرَّثْتُ أَخَاهُ، يُرِيدُ بِهِ أَنَّ بَعْدَمَا مَاتَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ فَمِيرَاثُ الْمَيِّتِ الذِّمِّيِّ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute