للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ إنَّمَا لَا يَكُونُ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ حَقُّ الْمُزَاحَمَةِ مَعَ الِابْنِ الْمُسْلِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ الِابْنِ الذِّمِّيِّ، أَمَّا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ كَانَتْ لَهُ مُزَاحَمَةُ الِابْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

نَصْرَانِيٌّ مَاتَ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِي الْمِيرَاثُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ قَبْلَهُ، وَلَا مِيرَاثَ لَكِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ، وَهِيَ مُسْلِمَةٌ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، فَقَالَتْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

ادَّعَى خَارِجَانِ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ دَارًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ وَادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَبَرْهَنَا قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِهَا لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُفَّارًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُحِيطَيْنِ.

كُلُّ شَهَادَةٍ شَهِدَ بِهَا ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ فَلَمْ يُنَفِّذْ الْحَاكِمُ الشَّهَادَةَ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَتَّى أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ مَاضٍ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِالْحُقُوقِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُنَفِّذَ الْقَاضِي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُنَفِّذُ، وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ إذَا أَسْلَمَ السَّارِقُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْقَطْعِ فَالْقَاضِي يُضَمِّنُهُ الْمَالَ وَيَدْرَأُ عَنْهُ الْقَطْعَ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُجَدِّدَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَقْضِ بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ جَدَّدَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَعْدَ إسْلَامِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَضَى بِهَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَلَمْ يَقْضِ بِهَا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.

لَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ، وَإِنْ قَالُوا طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُعَزَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ أَنَّهُمَا قَتَلَا مُسْلِمًا عَمْدًا قَالَ: لَا أُجَوِّزُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَدْرَأُ عَنْ النَّصْرَانِيِّ الْقَتْلَ وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ عَمْدًا وَزَعَمَ الْقَاطِعُ أَنَّهُ عَبْدٌ لِنَصْرَانِيٍّ وَادَّعَى الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَنَّهُ حُرٌّ فَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ مُنْذُ سَنَةٍ قَالَ: أَجْعَلُهُ حُرًّا وَأَقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا أَقْتَصُّ مِنْ الْقَاطِعِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ قَوْلَهُمَا لَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى قَبُولَ الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تُوجَدْ هُنَا دَعْوَى الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ: لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ - إنِّي أُطَلِّقُ امْرَأَةَ النَّصْرَانِيِّ، وَلَا أُعْتِقُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مُسْلِمٌ قَالَ: إنْ دَخَلَ عَبْدِي هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلَ الْعَبْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>