للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُزَكَّى شَرْطٌ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ عَدْلًا صَاحِبَ خِبْرَةٍ بِالنَّاسِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ طَمَّاعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا يَعْرِفُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا، وَإِنْ وَجَدَ عَالِمًا فَقِيرًا وَغَنِيًّا ثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ، أَوْ عَالِمًا ثِقَةً لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ يُخَالِطُ النَّاسَ اخْتَارَ الْعَالِمَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي مُغَفَّلًا، وَلَا يَكُونَ مُنْزَوِيًا لَا يُخَالِطُ النَّاسَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ فِي الْعَلَانِيَةِ هُوَ الْمُعَدِّلُ فِي السِّرِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُعَدِّلِ وَالشَّاهِدِ وَيَقُولَ لِلْمُعَدِّلِ أَهَذَا الَّذِي عَدَّلْتَهُ؟ أَوْ يَقُولَ لِلْمُزَكِّي بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ أَهَؤُلَاءِ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.

وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ السِّرِّ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي رَسُولًا إلَى الْمُزَكِّي، أَوْ يَكْتُبَ إلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَحَالُّهُمْ وَسُوقُهُمْ إنْ كَانَ سُوقِيًّا حَتَّى يَتَعَرَّفَ الْمُزَكِّي فَيَسْأَلَ مِنْ جِيرَانِهِمْ وَأَصْدِقَائِهِمْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُنْفِذُ عَلَى يَدَيْ أَمِينِهِ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ إلَى ذَلِكَ الْمُزَكِّي، وَلَا يُطْلِعُ أَحَدًا عَلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يُعْلَمَ فَيُخْدَعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ثُمَّ الْقَاضِي إنْ شَاءَ يَجْمَعُ بَيْنَ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ وَبَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ وَفِي زَمَانِنَا تَرَكُوا تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ وَاكْتَفَوْا بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَقَدْ كَانَتْ الْعَلَانِيَةُ وَحْدَهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ فِي زَمَانِنَا تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: " تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ "، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَيَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَخْتَارَ لِلسُّؤَالِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْأَوْصَافِ الَّتِي شُرِطَتْ فِي الْمُزَكَّى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنَّمَا يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا يَتَحَامَلُ هُوَ عَلَيْهِمْ نَحْوُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجِبَايَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّعْدِيلِ يَسْأَلُ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَإِنْ وَجَدَ كُلَّهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَ جِيرَانَهُ وَأَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَهُمْ غَيْرُ ثِقَاتٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيلِهِ، أَوْ جَرْحِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمْ صَدَقُوا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ لَا يَعْرِفُ الشَّاهِدَ فَعَدَّلَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَمَنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَكُونُ تَعْدِيلًا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ هُوَ عِنْدِي عَدْلٌ مَرْضِيٌّ جَائِزُ الشَّهَادَةِ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا اللَّفْظُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عِنْدِي لَفْظٌ مُوهِمٌ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّاهِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>