إذَا قَالَ الْحَقُّ عِنْدِي لِهَذَا الْمُدَّعِي يَكُونُ بَاطِلًا؟ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - زَيَّفَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ: هَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِالْحَقَائِقِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُخْبِرُ الْمُكَلَّفُ عَمَّا عِنْدَهُ وَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ لَا يَكْتُبُ شَيْئًا احْتِرَازًا عَنْ الْهَتْكِ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ. إلَّا إذَا عَدَّلَهُ غَيْرُهُ وَخَافَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَحِينَئِذٍ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ، وَلَا فِسْقٍ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ مَسْتُورٌ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمَسْتُورَةَ مَعَ أَمِينِ الْقَاضِي إلَيْهِ فِي السِّرِّ كَيْ لَا يُظْهَرَ فَيُخْدَعَ الْمُزَكِّي، أَوْ يُقْصَدَ بِالْأَذَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّلَهُ قَطْعًا، وَلَا يَقُولُ إنَّهُمْ عُدُولٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الثِّقَاتِ أَخْبَرُونِي بِعَدَالَتِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعْدِيلٌ، وَلَوْ قَالَ: هُمْ فِيمَا عَلِمْنَاهُمْ عُدُولٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا قَالَ الْمُزَكِّي هُمْ عُدُولٌ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هُمْ ثِقَاتٌ فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ مُزَكًّى يُكْتَفَى بِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَصْلَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ لَا يَكُونُ هَذَا تَعْدِيلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَهَذَا أَصَحُّ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إنْ عَرَفَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَانَ بَاطِلًا، أَوْ أَنَّ الشُّهُودَ أَوْهَمُوا فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لِلْقَاضِي مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَإِيهَامِهِمْ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ، أَوْ بُطْلَانِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ الْقَاضِي يَتَفَحَّصُ عَمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي غَايَةَ التَّفَحُّصِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ حَقِيقَةُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي رَدَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ قَبِلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَرِيبٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ مَنْ مَعَارِفُكَ، فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَهُمْ يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ سَأَلَ مِنْهُمْ فِي السِّرِّ، فَإِنْ عَدَّلُوا سَأَلَ مِنْهُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ عَدَّلُوهُ قَبِلَ تَعْدِيلَهُمْ إذَا كَانَ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ لَمْ يَصْلُحُوا تَوَقَّفَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُعَدِّلِ الَّذِي فِي بَلْدَتِهِ إنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي وِلَايَتِهِ يَتَعَرَّفُ عَنْ حَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْ بَلَدٍ فِيهِ الْقَاضِي فَبَعَثَ أَمِينًا عَلَى جُعْلٍ لِيَسْأَلَ الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ كَانَتْ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ سَأَلَ عَنْهُمْ أَحْيَاءَهُمْ وَيَبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ بَحْثًا شَافِيًا حَتَّى يَسْتَقْصِيَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَقْصَى رُبَّمَا ظَهَرَ شَيْءٌ يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
إذَا أَتَاهُ كِتَابُ التَّعْدِيلِ وَاحْتَاطَ الْقَاضِي وَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ، وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَالِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَتَى الثَّانِي بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ فَقَدْ أَنْفَذَ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ عَدَّلَهُمْ