إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا، وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ غَائِبًا. وَنَوْعٌ مِنْهُ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الشُّرْبِ، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهِ وَلَا فِي اسْتِيفَائِهِ، ثُمَّ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ إثْبَاتِ الْحَدِّ. أَمَّا التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْمَالِ فِي السَّرِقَةِ فَمَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَعَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَالْقِصَاصِ، فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَجُوزُ.
وَنَوْعٌ يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَالدُّيُونِ وَالْأَعْيَانِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ سِوَى الْقِصَاصِ بِرِضَا الْخَصْمِ بِلَا خِلَافٍ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالتَّعْزِيرِ إثْبَاتًا وَاسْتِيفَاءً بِالِاتِّفَاقِ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْبِيَاعَاتِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْإِجَارَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِيدَاعِ وَقَبْضِ الْحُقُوقِ وَالْخُصُومَاتِ وَتَقَاضِي الدُّيُونِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاسْتِقَاءِ وَاسْتِخْرَاجِ الْجَوَاهِرِ مِنْ الْمَعَادِنِ فَمَا أَصَابَ الْوَكِيلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا التَّوْكِيلُ بِالتَّكَدِّي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيمَا اسْتَقْرَضَ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا بَلَغَ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ فَيَقُولُ: أَرْسَلَنِي إلَيْكَ فُلَانٌ يَسْتَقْرِضُ كَذَا فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَمَا اسْتَقْرَضَهُ لِلْوَكِيلِ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْأَمْرِ وَلَوْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيَجُوزُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْقِسْمَةِ وَالِاسْتِيهَابِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْهِبَةِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَلَا أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودِعِ وَلَا الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا الْقَرْضَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ الْمُلْتَمِسِ لِذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِ فَوَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَرْتَهِنَ عَبْدَ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ أَوْ يَسْتَعِيرَهُ لَهُ أَوْ يَسْتَوْهِبَهُ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِي ذَلِكَ يُضِيفُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَا يُضِيفُ إلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: إنَّ زَيْدًا يَسْتَوْهِبَكَ عَبْدَكَ أَوْ يَسْتَرْهِنَكَ بِمَا لَهُ عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَسْتَعِيرَ مِنْكَ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: هَبْ لِي أَوْ أَعِرْنِي أَوْ أَقْرِضْنِي فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَأَمَّا أَلْفَاظُهَا) : فَكُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ أَوْ هَوَيْتُ أَوْ أَحْبَبْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ شِئْتُ أَوْ أَرَدْتُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَنْهَاكَ عَنْ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ قَالَ: وَافِقْنِي فَهَذَا تَوْكِيلٌ وَأَمْرٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute